فجر جديد

لو كان الفقر رجلا...

| إبراهيم النهام

في زيارتي الأخيرة لمدينة مومباي الهندية، رأيت مشاهد يشيب لها القلب، لبقعة من العالم، يتجاوز عدد قطانيها 200 مليون.

رأيت الفقر يسير على قدمين، بأردى أنواعه، وأقذره، وأوجعه. رأيته قاسيا، لا يرحم، ولا يميز ما بين طفل صغير، وكهل طاعن بالسن.

رأيت عوائل بكامل أفرادها تنام بيأس على الأرصفة، وتقتات من الحاويات، وتتنازع الفتات.

رأيت أطفالا يرتدون الثياب المدرسية الرثة، والحقائب القديمة، والشبشب البالي، تكسوهم الغبرة السوداء، ويتشاركون بكيس بطاطس صغير، وبسعادة مؤلمة للقلب.

رأيت أدنى الوظائف وأقذرها وأحطها للإنسانية. رأيت الجوع، والعوز، وتقاطيع وجوه قديمة، تصرخ بالإنهاك، والشقاء، من ذل الحياة، وبطشها، وشراستها.

رأيت أكواخا صدئة تسبح على بحيرات العفن ومياه المجاري والصرف الصحي، والعيون تحملق بالمارة، عبر ثقوب عشوائية تناثرت بهذا الجدار وذاك.

لم تكن هذه السفرة كغيرها لي أبدا، على العكس، لقد غيرت بي الكثير من المفاهيم، والأولويات، والنظرة للحياة، وللحديث بقية.