القطاع السياحي والمشروع الوطني

| مؤنس المردي

من المشاهد المفرحة التي تخفف من قسوة الكثير من الأخبار غير السارة ما نراه في شوارعنا من انتشار ووجود كثيف لأشقائنا الخليجيين الذين تكتظ بهم جنبات المطاعم والأسواق والمجمعات في حركة جميلة تسعد النفوس وتدخل البهجة والسرور إلى قلوبنا عندما نرى أشقاءنا من الخليج في كل مكان ببلدنا.

هذه الزحمة الجميلة التي نترقبها كل حين، وهذا الإقبال والتدفق من السياح الخليجيين والذي يتزايد بطبيعة الحال أيام العطلات، يعكس ما يتوافر لمملكة البحرين من مقومات جذب كبيرة وعناصر تؤهلها لأن تكون قبلة للإخوة الخليجيين، ووجهة لأشقائنا وأصدقائنا من أبناء الدول الأخرى حتى وإن بعدت عنا جغرافيا ومكانيًا؛ لأن لدينا ما لا يتوافر لكثير من الدول من عناصر وخصائص تجذب أي سائح إلينا.

نعم، نمتلك الكثير من عوامل الجذب ومقومات نجاح الاستثمار في السياحة، ومنها: الأنشطة الثقافية المبهرة ومهرجانات التسوق وغيرها، ولكن على رأس هذه العوامل وأهمها يأتي الأمن والاستقرار الذي نجحت المملكة في ترسيخه وتثبيت دعائمه في كل ربوع الوطن وينعكس إيجابا على كل مظاهر الحياة والأنشطة الإنسانية والمجتمعية، إضافة إلى ما يتسم به شعب البحرين من رقي وتحضر وانفتاح على الثقافات والشعوب كافة وهو ما يجعل تواصله مع الآخرين أمرا يسيرا، بل وثقافة راسخة وسمة متأصلة.

أكاد أجزم أنه ما إن توافرت مثل هذه العناصر لأي دولة إلا ووجدنا نشاطا محموما لاستغلالها وتقويتها والاستفادة القصوى منها، وهو ما يجب أن نعمل عليه ونجتهد جميعا كحكومة وقطاع خاص من أجله، فلا نريد أن تكون البحرين قبلة للسياح في مواسم معينة، بل طوال الشهور وعلى مدار العام، فهذا هو الاختبار الجدي والتحدي الحقيقي الذي علينا أن نواجهه بكل قوة وجسارة لقيمته العظيمة ومنافعه الكثيرة إذا ما نجحنا فيه.

صحيح، هناك خطة طموحة نشجعها وندعمها تهدف للوصول بايرادات السياحة إلى مليار دولار العام 2020، وهو هدف مشروع وطموح وقابل للتحقيق، شريطة أن يكون تنمية القطاع السياحي هو المشروع الوطني الذي يشارك فيه الجميع بأفكاره وخبراته ورؤاه.

لا نريد أن تكون اللقاءات مع الأشخاص المعنيين والمهتمين بهذا القطاع السياحي مجرد خبر وصورة، بل نريدها واقعًا مدروسًا ومعلومًا ووفق إطار زمني محدد لتنفيذ كل الخطوات السياحية الإيجابية المتفق عليه، وليكون هدفنا لسياحتنا أن تتعدى محيطنا الخليجي؛ لتكون نقطة جذب عربي وعالمي، فهذا هو الهدف المنشود والغاية الأسمى.