تأثير ألعاب الفيديو على الأطفال

| د. يوسف حراث

منذ ظهورها في خمسينيات القرن الماضي عرفت ألعاب الفيديو تطورا مشهودا من ناحية الصورة والصوت والمحتوى لما تمثله من وسائل ترفيه جذابة وممتعة خصوصا لدى فئة الشباب والأطفال، صاحب هذا التطور جدل كبير فيما يتعلق بكمية مادة العنف التي تحتويها أغلب ألعاب الفيديو المجسدة لمشاهد الحروب والقتل والدمار، وكذلك لشغل مستعمليها الساعات الطوال دون ضجر أو ملل مما حدا ببعض الحكومات اتخاذ تدابير عملية للحد من الإدمان عليها، ففي كوريا الجنوبية على سبيل المثال وقع حظر مواقع الألعاب التي تعتمد على الشبكة العنكبوتية بعد منتصف الليل.

وقام العديد من العلماء بدراسة العلاقة بين إدمان الأولاد على ألعاب الفيديو العنيفة وبين السلوك العدواني المكتسب لديهم، وخلصت أغلب النتائج كالتي نشرها عالم النفس الأميركي بارثولو في 2005 إلى أن هناك علاقة قوية بين ممارسة ألعاب الفيديو العنيفة وبين تزايد العنف الجسدي واللفظي لدى فئات الشباب، كما أكدت دراسة أخرى لعالم النفس الأميركي كاراناجي في 2007 نفس النتائج مع إضافة أن ظاهرة العنف ليس مردها فقط ألعاب الفيديو العنيفة بل أيضا مشاهد العنف التي تبث عن طريق كل أنواع الإعلام المرئي من أفلام وبرامج، لم تقتصر النتائج فقط على السلوك العدواني المكتسب جراء ألعاب الفيديو العنيفة بل شملت أيضا تأثيرات أخرى لا تقل خطورة، كالأمراض النفسية والجسدية من آلام الظهر والعين وتردي نتائج الدراسة والانطوائية والقلق والتوتر وعصيان الوالدين كما جاء في دراسة العالمة شيريل ألسون في 2013.

المفاجئ أن هناك دراسات ذكرت تأثيرات إيجابية لألعاب الفيديو بالرغم من كمية العنف المتصاعد الذي تحتويه، فالعالمة السلوفينية ماجا روزيك مثلا نشرت دراسة في 2015 تحدثت فيها عن ألعاب المجموعات المعتمدة على الشبكة العنكبوتية مثل أوفاروتش التي تمكن ممارسوها من تكوين شبكات أصدقاء عالمية لغاية مزيد من التحدي والترفيه، كما تمكنوا أيضا من اكتساب مهارات العمل الجماعي لغاية إنجاز أهداف مشتركة. وفي دراسة حديثة لجيروان بورقونجون نشرت في 2016 تم التأكيد على أن ألعاب الفيديو قد تدفع ممارسيها إلى قراءة الكتب والروايات ذات المحتوى المشترك أو التعرف على شخصيات وأماكن ذات أهمية، كما أن ألعاب الفيديو ساعدت بعض الأطفال على الهروب من واقعهم العائلي التعيس وساهمت في انخفاض ردة الفعل العاطفي كالخوف والحزن والإجهاد والقلق.

في نهاية المقال أوجه شكرا خاصا إلى طلابي في مادة القضايا المهنية والأخلاق في علم الحاسوب سليمان الجناحي وفيصل بهلول وجاسم آل عثمان على مساعدتي في كتابة هذه المقالة.