30 ألف جريمة بحق الإنسانية (2)

| فلاح هادي الجنابي

الحقيقة أن التأمل بروية في هذه الجريمة المروعة والبحث في أبعادها وجوانبها المختلفة يؤكد ويثبت حقيقة واحدة فقط دون غيرها، هي كيف كان الخميني يتعاطى مع من يخالفونه ويرفضون رؤيته أو يجتهدون بشأنها كما فعلت وتفعل منظمة مجاهدي خلق، حيث إنها برفضها نظام ولاية الفقيه ورفضها كل الإغراءات والترهيبات التي مورست معها أطارت صواب خميني وزرعت في داخله حقدا وضغينة غير مألوفة بالمرة ضد هذه المنظمة وأعضائها وأورثها لنظامه من بعده حتى جعلها أصلا من أصول النظام القائم، إلا أنه ومع كل المزاعم التي رددها خميني فإن الاختلاف والمعارضة حق مشروع بكل القيم والأعراف بل إن الرسول الأكرم “ص” يقول: (اختلاف أمتي رحمة)، إلا أن خميني يبدو على ما ظهر من أعماله البربرية في رفض الآخر ومسحه من الوجود، أنه خالف هذا الحديث عمليا ولاسيما أن هؤلاء الذين أصدر خميني فتواه الجهنمية بحقهم كانوا سجناء، وأن مختلف الأديان والقوانين والأعراف الإنسانية تسعى للتسابق والتفاخر في مجال احترامها وتعاملها الإنساني الخاص مع السجناء حتى إن كانوا مخالفين لها، لكن كما يبدو أن خميني طينة خاصة لم يسبق أن جاد الدهر بمثيل لها، ولهذا رفض الرحمة بهؤلاء الذين قالوا كلمة حق بوجهه ووجه نظامه الاستبدادي.

الطريقة الهمجية التي نفذت من خلالها الأحكام الشيطانية لهذه الفتوى، تدعو مجددا المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان وكل المنظمات الحقوقية للعمل من أجل استحضار هذه الجريمة النكراء وعدم السماح بأن تمر ذكراها من دون عمل جدي لمحاسبة ومعاقبة النظام المتطرف في طهران وكل الذين شاركوا فيه، لأنها بصراحة تامة يمكن اعتبارها 30 ألف جريمة ضد الإنسانية. “الحوار المتمدن”.