ستة على ستة

اقتلوا دواعشنا

| عطا السيد الشعراوي

نرى انتفاضات غربية من دول ومنظمات ضد أحكام تصدرها دول عربية وإسلامية بالإعدام أو فرض عقوبات حازمة وإجراءات رادعة ضد بعض الأشخاص، كسحب جنسياتهم مثلا في حال تورطهم بالأدلة والبراهين في جرائم تستحق مثل هذه العقوبات، هنا تصدر الدول والمنظمات أحكامها ويدها في الماء ولا تشعر بالنار الذي تعيش فيه دول أخرى جراء الجرائم التي ترتكب من قبل هؤلاء، ولا الإيذاء الذي حدث للمجتمع نتيجة أفعالهم.

ولكن بمجرد أن تمر هذه الدول بظروف مشابهة، بل ربما تكون أقل خطورة، فإذا بها تتحول لوحش كاسر ضد أمثال هؤلاء الذين كانت تتعاطف معهم وترى أن لهم حقوقا مهما أجرموا في حق أوطانهم، وقدم لنا وزير الدولة البريطاني لشؤون التنمية الدولية روري ستيوارت المثال الأحدث على ذلك، إذ صرح مؤخرًا بأن الطريقة الوحيدة التي يجب أن تتعامل بها بلاده مع المئات من مسلحي داعش البريطانيين في مناطق الصراع في الشرق الأوسط، هي قتلهم، مطالبا بإعدامهم بدلاً من السماح بعودتهم إلى بريطانيا، هكذا دون حتى محاكمات أو مساءلات أو تصنيف لدرجات خطورتهم والتأكد من أفعالهم وإجرامهم.

واستند ستيورات في موقفه إلى عاملين أساسيين أولهما أن هؤلاء يؤمنون بعقيدة شديدة الكراهية، تشكل خطرًا على الأمن البريطاني، رغم أن المعروف عن المسؤولين في الغرب والمنظمات الحقوقية الإيمان بحرية الفكر، لكن يبدو أن المقصود هنا حرية الفكر في المجتمعات الأخرى مهما بلغت درجة خطورة هذا الفكر حتى لو كان ضد الدين والأخلاق والأعراف، طالما كان ذلك بعيدًا عنهم، ولا يمس شعوبهم.

أما العامل الثاني فهو افتقاد هؤلاء «الإرهابيين» لأي ولاء تجاه الحكومة البريطانية، في الوقت الذي يصنفون فيه مجموعات أخرى لا تدين بأي ولاء ليس لحكوماتها فقط وإنما لدولها وشعوبها بأنها معارضة يجب السماح لها بالفكر والممارسة، بل في بعض الأحيان يطالبون بإشراكهم في حكم البلاد!