ستة على ستة

المسلمون في أوروبا .. جوانب مضيئة

| عطا السيد الشعراوي

دراسة مهمة أجراها معهد برتلسمان في ألمانيا حول اندماج المسلمين في بعض المجتمعات الأوروبية تمثل ردًا عمليًا واضحًا على كل من يحاول الربط دائما بين المسلمين والإرهاب، وعلى كل من يكيل الاتهامات للمسلمين بعدم القدرة على العيش في حياة مدنية ومتقدمة، حيث أثبتت الدراسة العكس تمامًا، بل وأظهرت أن المسلمين يملكون إصرارًا وتحديًا على العيش في هذه المجتمعات الغربية رغم ما يواجهونه من رفض واتهامات وما يوضع أمامهم من عراقيل مجتمعية كثيرة. فالدراسة التي ألقت اللوم على المجتمعات الأوروبية في عدم تقبل المسلمين، أشادت بقدرة المسلمين الذين يمثلون حوالى 5 % من سكان دول أوروبا الغربية على الاندماج، ويسجلون تقدما فعليا في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وسويسرا والنمسا، رغم العقبات التي تقف أمامهم فيما يخص التعليم والعمل، ورغم أن هذه الدول لم تقدم أي وسائل بنيوية مناسبة للمشاركة المجتمعية.

اللافت أن الرفض المجتمعي للمسلمين لا يأتي ممن يتبعون الديانة المسيحية، وإنما من الذين لا يتبعون أي دين، وهو ما يؤكد أن العداء للدين الإسلامي لا يمكن أن يأتي من أتباع ديانة سماوية، وإنما من أعداء للدين بصفة عامة ممن وجدوا أن الظروف الآن موجهة ضد الإسلام، فركزوا حملاتهم واستغلوا أو ربما وجهوا وسائل الإعلام؛ لشن حملات تشويه للإسلام دون أن ننكر أن لبعض الممارسات المرفوضة من أتباع الدين الإسلامي تقدم خدمات لهذه الحملات وتسهم في استمرارها وتصاعدها.

ورغم كل هذا الرفض والعقبات والعراقيل التي توضع أمام المسلمين، إلا أنهم حريصون على الاندماج في مجتمعاتهم الأوروبية ويحاولون تغيير الصورة السلبية المرسومة عنهم من خلال احترامهم للقوانين وإظهار الولاء والانتماء فعلاً للوطن الذي يعيشون فيه، فيواصلون تعليمهم ويحرصون على أن يكونوا أداة منتجة في هذه المجتمعات، ولا يستسلمون ويركنون إلى صعوبة الظروف التي تواجه الكثير منهم من البيئة التي يعيشون فيها.

أتمنى أن تستفيد بعض الأقلام التي اعتادت توجيه الاتهامات للإسلام والمسلمين دون دليل وبلا علم، لتكون فقط ضمن السائرين ضد الدين وللادعاء بأنها منحازة للثقافة والاستنارة.