360 درجة

التفكير بالتمني

| أيمن همام

غالبا ما يلجأ الحزب السياسي الذي يفشل في تقديم برنامج واضح إلى حلول سهلة وأحيانا رخيصة من أجل إضعاف الحزب المنافس وإظهاره في صورة الغارق في بحر الفشل.

لا يقتصر هذا الأمر على السياسة فحسب، بل يمتد إلى شتى مناحي الحياة بأساليب قد تختلف في المظهر لكن الجوهر يظل واحدا؛ عطل منافسك لتصبح في الصدارة.

من ينشغل بمنافسه ولا يتفرغ لتطوير نفسه يفقد موقعه المتقدم عاجلا أم آجلا، وهذا ينطبق على الحزب الديمقراطي الأميركي، الذي لَم يعد لديه برنامج واضح ولا قائد ذو كاريزما قادر على أن يعيد له بريقه.

الديمقراطيون في أميركا يراهنون على شيطنة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب وأعضاء إدارته، ويسخرون آلاتهم الإعلامية لتشويه صورته أملا في أن يجعلوه رئيسا لفترة واحدة.

احتمال نجاح مخططهم قائم، لكن هذا هو منتهى طموحهم؛ إذ لم يذهب أي تحليل منطقي إلى أبعد من ذلك، بينما نسمع في منطقتنا أصواتا تروج لفكرة عزل ترامب مثلما عزل ريتشارد نيكسون.

مستقبل ترامب السياسي يحدده الأميركيون، ما علينا فعله هو ترتيب أوضاعنا والتخطيط للمستقبل بعيدا عن العواطف والانفعالات والأوهام، فلا نربط مصيرنا بغيرنا.

الأنظمة العربية التي واجهت أعتى هجمة في عهد الإدارة الأميركية السابقة لَم تروج لشعوبها فكرة عزل أوباما على خلفية أنه ليس من مواليد أميركا؛ كما تشترط المادة الثانية من الدستور الأميركي. وهذا يعكس الفارق بين أنظمة واقعية وأخرى توجهها دوافع أيديولوجية تبيع من أجلها الوهم وتغسل لتحقيقها العقول.

مقارنة ترامب بنيكسون قراءة خاطئة للتاريخ والسياسة تجافي المنطق وتبني من الخيال قصورا حيث لا توجد أرض صلبة يمكن أن يقام عليها مشروع حقيقي يعود بأي منفعة لمن يستثمر فيه.

فكرة عزل ترامب تندرج تحت ما يطلق عليه علماء النفس “التفكير بالتمني” وهو تكوين الاعتقادات واتخاذ القرارات القائمة على رغبات الفرد بتمني ما يريده عوضا عن التفكير الذي يستند إلى الأدلة أو العقلانية أو الواقعية.

بيع الوهم ودغدغة المشاعر بفكرة عزل الأميركيين رئيسهم، وأن ذلك سيكون عقابا إلهيا لرفضه مواصلة المشروع التخريبي الذي بدأه سلفه هي محاولة بائسة تكشف عن ركاكة الطرح وهشاشة المشروع.

أما فيما يتعلق بالدول العربية فيجب أن تركز على مشاريعها التنموية، وإن التقت مصالحها مع دولة عظمى مثل أميركا فلتستغل الفرصة، وإن اختلفت فلا ضير؛ فمن يضع رهانه في وفاء شعبه ونهضة وطنه لا يخسر أبدا.