رفرفةٌ بينَ الكُتبِ‎

| حسن أبو سهيل

نِعْمَ الذي يَقرأُ، نِعْمَ الذي يتداولُ الكتابَ كَأنَّ الكتابَ قوتُ يومهِ،يَسْعىٰ إليهِ أَيْنَما وُجدْ، فَهي جزءٌ لا يَتجزَأْ من حَياته اليَومية، يَخْشىٰ أن تِضيع لحظةٌ من يومهِ دونه، فَهو غِذاء عَقله وَتَهْذيبٌ لنفسهِ، فَالعقلُ والنفسُ محتاجانِ إلى عنايةٍ خَاصة ولا تَأتي هَذه العناية إلا بالمعرفة والمُطالعة والإقتحام في الجلسَاتِ الأدبية، فَيزاحم الأدباء بحوارهِ، يُناقشُ القرّاءَ في ما قَرؤهُ من كتبٍ، فَالقراءةُ تعتبرُ كنزٌ ثمينٌ لا يفنىٰ فهي سببٌ لرُقي الإنْسَان، بَعْدَ ما كانَ وعاءٌ ضاحلًا يخلى من الإلمامِ والبَصيرةِ.  كَذلك الإنسَان مُنْذُ مَهْدهِ مُكَبَّل اليدينِ مغلول العُنق مقيَّدٌ بأغلالِ الجَهلِ المحكمة، فَكلما قَرَأَ الإنْسَانُ حرفًا كَسَرَ غلًا من أغْلالهِ، فلم أرى أحرارًا إلا ثلةً كريمة أَبَتْ أن تعيشَ طِوِال حَياتِها خَاضِعة تَحْتَ أهواء الجَهلِ فَتراها تشدُ الوثاقَ نحو المكتبات تلبثُ وقتًا طويلًا بَيْنَ رَفْرَفةِ الكُتب والمُطالَعة، تُهَرْوِلُ بَيْنَ أَزُقة السُطورِ المُنيرة ساعية للقراءَةِ والمُطالعةِ، تَتَنَفَسُ الكِتابَ وكأنَّ الكتاب أوكسجين حياتها.  فأي منزلة أنتم فيها الآنْ عِنْدَ رَبَكُم سببها القراءة، قال تعالى: (يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ).