الحلم صفة العرب

| يوسف حسن يوسف

برغم اتفاق المختصون من أن الصفات القيادية يمكن اكتسابها بالتدريب والممارسة، إلا أنهم يتفقون كذلك في أن البعض يمتلك هذه الصفات بشكل فطري، كما استعرض ابن خلدون – في مقدمته – تأثير الجغرافيا والطقس على طباع الشعوب. ونتيجة لذلك فقد تميز العرب بصفات وطباع فرضتها عليهم طرقهم في العيش والتفكير تماشياً مع بيئاتهم.

وبرزت الفراسة كأهم صفة من الصفات التي التصقت بالعرب، وبرغم وجود الفراسة التي تسرع من عملية الحكم على الأشخاص، إلا أن العرب قد تمسّكوا أيضاً بصفة الحلم التي كانت تجنبهم خطأ الوقوع في الظن والاستسلام الخالص للفراسة دون الاعتماد على الأدلة وعدالتها، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأشج بن عبدالقيس حين قدم إلى المدينة من البحرين قائلاً له: (إنَّ فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم، والأناة) منوهاً بأنهما خصلتان جُبل عليها الأشجّ ولم يكتسبهما حديثاً، فبات الحلم من أجمل صفات العرب التي تمنح صاحبها الفوائد التالية:

عدم التسرع في القرارات برغم معرفة بعض المعطيات التي تهدد أو تعكر الصفاء سواء كان ذلك ضد شخص أو مؤسسة ما. اعطاء الفرصة للتحقق والتثبت من صحة المعطيات المحيطة، سواء كانت هذه المعطيات خاصة بشخص أو مؤسسة ما. امهال التهديد، وعدم التعرض له حتى تتجلى نواياه المخفية في بداية كل أمر. كسب الوقت للاستعداد للتهديد ومواجهته في وقت حاسم يختاره الحليم نفسه، ولذلك قال العرب: اتق شر الحليم إذا غضب.

ومع التغيرات الجذرية في طرق العيش على مر مئات السنين، ما زال العرب يتمتعون بهذه الصفة الجميلة، فهل ما زال للجغرافيا والمناخ تأثيراً على هذه الأمة الوسطية في طرق عيشها وتفكيرها؟