ستة على ستة

برامج المقالب (2)

| عطا السيد الشعراوي

إذا كان الشباب والكبار يمثلون أكبر نسبة من مشاهدي برنامج مقالب رامز جلال والبرامج المماثلة التي تشهد زيادة في العدد وتنوعًا في شكل المقلب رغم ثبات المضمون، فإن الأمر لا يقل خطورة عن الحالة الأولى التي تناولناها بالمقال السابق التي تتعلق بالأطفال وارتباطهم بهذه البرامج، حيث إننا في هذه الحالة إزاء دلالات سلبية غير مبشرة في ثقافتنا، خصوصا أن مقدمي هذه البرامج ليسوا من نجوم الصف الأول مثلا الذين يرتبط البعض بهم أو يسمع منهم ويستمعون إليه، كما أن الضيوف في الغالب وجوه متكررة كل عام وهم ممن ابتعدت عنهم الأضواء والشهرة في الفترة الأخيرة أو ممن يرتبطون بعلاقات صداقة مع مقدمي هذه البرامج، وهو ما كان يفترض أن يقلل نسبة المشاهدة.

الدلالة الأولى في هذا الإقبال “الشبابي” على هذه البرامج الفارغة من المضمون الحقيقي والرسالة الجادة حالة “الملل” أو “القرف” التي تكاد تكون مسيطرة على هذا القطاع وتدفعه للعزوف عن متابعة الجاد من القضايا التي تتعلق بدولته وأمته، أو الهروب من هذه المتابعة كونها في الغالب تحمل أخبارًا لا تنسجم مع تطلعاته وأمنياته الوردية التي يريد تحقيقها ويشعر بقتامة الوضع وصعوبة العيش معها. 

وربما تعكس حالة أسوأ من “الإحباط” نتيجة قسوة الظروف التي يعيشها الشباب والنظرة التشاؤمية أو حتى السوداوية للواقع، فيحاول البعض منهم اللجوء لهذه البرامج “المسلية” بعيدًا عن ضجيج الواقع ومرارته لعله ينسى أو يتناسى لبعض الوقت.

وترتفع درجة الخطورة أكثر إذا كنا بصدد حالة من “الفرح” في مصائب الآخرين للشماتة بهم بل الضحك عليهم عندما يكونون في مثل هذه الأزمات التي تختلقها هذه البرامج.

أعتقد أن هذه النوعية من البرامج بحاجة إلى وقفة من المعنيين بقطاعات الثقافة والإعلام ومن علماء الاجتماع لتقنينها والحد منها حتى لا تتوغل في ثقافتنا وتنجح في زرع قيم على خلاف ما نريده جميعا لشبابنا، خصوصا أنها لا تحمل سوى الرديء من الأفعال والأقوال.