360 درجة

نزع “مسمار جحا”

| أيمن همام

نتائج تحركات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأخيرة لمحاربة الإرهاب ورموزه وداعميه بالتعاون مع الدول الإسلامية والعربية المعتدلة بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة بدأت تظهر في عدد من مناطق الصراع الساخنة بالمنطقة، ولاسيما في سوريا والعراق واليمن.

تنظيم “داعش” الإرهابي، “مسمار جحا” الذي استخدمته دول وكيانات عدة لتبرير تدخلاتها الآثمة بالمنطقة، أصبح محاصرا في المناطق التي انطلق منها كالورم الخبيث ثم أخذ ينهش في جسد العالم العربي وأصاب سالف أعضاء الأمة الإسلامية بالمرض، بل وانتشر في جميع أنحاء العالم ليشوه صورة الإسلام والمسلمين.

القضاء على “داعش” لن يزيل أحد أسباب التطرف في المنطقة فحسب، بل سينزع “مسمار جحا” الذي استخدمته دول معادية للعرب ذريعة لتنفيذ أجنداتها التوسعية وتبرير تدخلاتها العسكرية لتحييد بلدين كانا يشكلان في السابق اثنتين من أهم ركائز العالم العربي؛ العراق وسوريا.

بعد أن يتم تحرير الرقة والموصل من قبضة “داعش” لن يبقى للتنظيم الإرهابي إلا أهدابه المنتشرة في دول متفرقة من العالم، وتلك الدول كفيلة بعلاج نفسها من هذا الوباء، فدول أوروبا تعرف كيف تتصدى له في مدنها، والفلبين قادرة على دحر الدواعش في ماراوي، وبعد زوالهم من العالم الواقعي لن يكون لهم وجود سوى في نظيره الافتراضي.

بعد حسم المعركة ضد “داعش” في معقله في سوريا، سيتفرغ العرب لمعركة أشد خطورة وضراوة، وهي معركة التصدي لأطماع إيران التوسعية ومشروعها التخريبي القائم على بث الفرقة وإثارة الفتن والنعرات الطائفية. ولهذا سيكون من مصلحة إيران إبقاء “داعش” على قيد الحياة أطول فترة ممكنة حتى تعيد تنظيم أوراقها التي تبعثرت بعد خروج أوباما من البيت الأبيض.

المرحلة المقبلة ستكون أكثر صعوبة، إذ سيدخل أطراف عدة في حسابات معقدة، وعلى العرب أن يحضروا أنفسهم جيدا لها عبر توحيد صفهم ووضع رؤية واضحة وأهداف مشتركة محددة وخطة عمل محكمة تمكنهم من التعامل مع المعطيات الجديدة التي سيفرضها خروج “داعش” من المعادلة.

التنسيق المشترك والعمل داخل البيت العربي والخليجي الواحد، اللذان يدعو إليهما دائما رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان، يشكلان نقطة انطلاق أساسية للخروج بموقف واحد وجامع لكل العرب إزاء التداخلات الإقليمية المتشابكة بما يحفظ لهم مصالحهم الإستراتيجية من التهديدات المحدقة.

بعد نزع “مسمار جحا” من جدران سوريا والعراق، لا ينبغي السماح لإيران أو غيرها بدق مسمار آخر في خاصرة أوطاننا، حتى ولو كان ذلك المسمار يتخذ شكلا او مضمونا مختلفا.