زبدة القول

إيران وحزب الله.. وخطط ما بعد الأسد

| د. بثينة خليفة قاسم

لم يعد مبعث القلق الخاص بسوريا الشقيقة يتعلق بمدى القدرة على إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد أو يتعلق باستمرار نزيف الدماء أو تشريد السوريين في دول العالم. فالثمن الباهظ لإسقاط النظام قد دفع، فاستشهد من استشهد وشرد من شرد وتعذب من تعذب وهذا هو ثمن الحرية التي هي دائما حمراء بلون الدم، وكما قال الشاعر العربي: وللحرية الحمراء باب.. بكل يد مضرجة يدق. مبعث القلق الآن هو أن مأساة الشعب السوري العظيم، الذي قدم كل هذه التضحيات، قد لا تنتهي بسقوط النظام الحالي، ولكنها قد تزداد وقد ترتفع كلفة سقوط هذا النظام العاتي المدعوم من إيران في المستقبل أيضا. أطراف كثيرة لن تقف موقف المتفرج خلال مرحلة ما بعد الأسد، ولكنها ستسعى بكل السبل للسيطرة على فصيل من الفصائل ضمانا لمصالح معينة، فالذين ساعدوا النظام في سفك دماء شعبه والذين ساندوا المقاومة السورية، وحتى الذين وقفوا موقف المتفرج على حمامات الدماء التي وقعت خلال عامين وروت أرض سوريا المتعطشة للحرية، سيبحثون لأنفسهم عن دور في صياغة المرحلة القادمة في سوريا المكلومة. إيران التي تسلمت العراق على طبق من فضة بعد أن دفع أبناؤها ثمنا باهظا، فعلت به ما تريد واستخدمت فرق الإعدام الخاصة بها في تصفية كل من أرادت تصفيته وأمسكت بتلابيب البلاد ووضعت رجالا لها في كل الأماكن الحساسة فيها، هل ستقوم بالدور ذاته في سوريا بعد أن استنفدت كل السبل من أجل الإبقاء على حليفها بشار الأسد؟ صحيفة الواشنطون بوست الأميركية أشارت، على نحو ما، إلى السيناريو الأسود، ونشرت تقريرا لا يبشر بالخير حول مستقبل سوريا، فقالت إن إيران وحزب الله اللبناني يقومان حاليا على تشكيل فرق تابعة لهما هناك لتكون ذراعا إيرانيا مثل حزب الله عندما يتم تقسيم البلاد تقسيما طائفيا بعد إسقاط الأسد. ونقلت الصحيفة عن مسؤول عربي أن الاستراتيجية الإيرانية في سوريا تعتمد على مسارين، أحدهما هو دعم الأسد حنى النهاية، والآخر هو ضمان وجود من يحقق مصالحها هناك، وأن السيناريو الأكثر ترجيحا بالنسبة للتحرك الإيراني في سوريا هو إقامة منطقة ساحلية مرتبطة بها، حيث يتركز العلويون المرتبطون بها قرب الحدود السورية مع لبنان. فإذا كان هذا هو السيناريو المتوقع بالنسبة لإيران على أرض سوريا العربية، والذي نقلته جريدة أميركية عن مسؤول عربي كبير حسب وصفها، فهل هناك أي سيناريو عربي لسوريا وشعبها الجريح بعد سقوط الأسد؟ أم أن الشعب السوري سوف يترك وحده ليتجاذبه أصحاب المصالح ويغذون فصائله بالمال والسلاح فتحترق سوريا وتخترع إسرائيل لنفسها من الذرائع ما يخول لها قضم أرض عربية جديدة؟