زبدة القول

البحرين لها جغرافيا سياسية مختلفة

| د. بثينة خليفة قاسم

“البحرين تنتمي إلى جغرافيا سياسية واضحة والرهانات خارجها عمل خاسر”، عبارة قالها وزير العدل البحريني الشيخ خالد بن علي آل خليفة في تصريحه الأخير لوكالة أنباء البحرين تعليقا على موقف البعض من الانتخابات التكميلية المقررة. هذه العبارة تعد من أكثر العبارات التي وصفت الحالة البحرينية الفريدة بدقة وإيجاز، فالبحرين بالفعل لها جغرافيا سياسية تختلف كثيرا عن غيرها، وهذا يجعلها عصية على أي تجربة سياسية أو ديمقراطية جاهزة، حتى وإن كانت هذه التجربة قد استخدمت في عشرات الدول الأخرى. الجغرافيا السياسية للبحرين تبين أن البحرين – على صغر مساحتها وقلة عدد سكانها – دولة متعددة الأطياف والمذاهب، وأنها، على الرغم من التعايش والتلاحم الذي عاشه أبناؤها منذ زمن طويل، لا يتفق أهلها على شيء واحد فيما يتعلق بمنهج الحكم وترتيبات الاصلاح والتطور الديمقراطي. التوافق هو كلمة السر في البحرين، فبدون التوافق لن تنفعنا أي تجربة حتى إن حققت السعادة للعالم كله. ولذلك فالذين يعيشون في وهم الأغلبية ويبنون كل خطتهم على هذا الأساس لن يحققوا لأنفسهم شيئا ولن ينالوا سوى العزلة السياسية. جمعية الوفاق لها وجود في الشارع البحريني، لا أحد ينكر هذا، وانها تتفوق على بعض الجمعيات الأخرى في العدد والعتاد وفي التحرك داخليا وخارجيا ولها من يدعمها في الخارج وأن تحركها الخارجي يتزامن ويتكامل مع تحركها الداخلي، ولكنها رغم كل هذا لا تمثل الأغلبية من أبناء الشعب البحريني رغم أنها تحشد عددا لا بأس به من أتباعها عندما تريد. هذا العدد الذي تحشده الوفاق ميدانيا هو تقريبا كل أتباعها، وانها كجمعية منظمة تستطيع أن تحشدهم جميعا فيبدو المشهد مؤثرا من الناحية الإعلامية. والسبب الذي جعل الوفاق تشعر بالقوة وتوحي للعالم أنها تقود المعارضة البحرينية بكاملها هو وجود أغلبية صامتة، أو بالأحرى كانت صامتة في البحرين، فاحتلت هي الصورة وبدت وكأنها تمتلك الشارع. هذه الأغلبية، التي استيقظت عند الخطر الذي كان محدقا بالبحرين، وامتلكت الصورة في ميدان أحمد الفاتح بقيادة الدكتور عبد اللطيف آل محمود، استطاعت أن تغير المعادلة واستطاعت وضع الوفاق في مأزق كبير، فتخبطت الأخيرة في قراراتها فيما يتعلق بالاستمرار في العملية السياسية أو مقاطعتها، حتى تغلبت داخلها فئة المشايخ المرتبطين تاريخيا بمرجعيات خارجية، فكان قرار مقاطعتها للانتخابات. لو كانت الوفاق ممثلة لنصف أو حتى ربع الشعب البحريني لما مارست تحركها المحموم الساعي إلى تخريب الانتخابات التكميلية وترهيب الناخب والمرشح على السواء. زبدة القول (إن الرهان على التوافق واحترام الآخر هو الرهان الرشيد والكاسب، كما قال وزير العدل البحريني).