زبدة القول

تساؤلات في اليوم العالمي للمرأة 2-2

| د. بثينة خليفة قاسم

الأسئلة التي قمت بطرحها في عمودي السابق حول مسألة المساواة بين الرجل والمرأة وتكافؤ الفرص، كما ورد في شعار الأمم المتحدة لاحتفال هذا العام بيوم المرأة العالمي، لا تعبر عن رفض لمسألة تمكين المرأة والنهوض بها، خصوصا وأنني امرأة تعيش في العالم العربي، وما أدراك ما العالم العربي، حيث إن الطامحين للمساواة وتكافؤ الفرص كثيرون ولا يقتصر الأمر على المرأة وحدها. ولكن ما أقصده في طرحي المتواضع هو أن مفهوم الحرية مختلف بشكل معين بين الشرق والغرب، وأن هناك علاقة يجب مراعاتها بين الثقافة والدين من جانب، وبين الحرية من جانب آخر. فليس من المنطقي أن يتم اعتماد الثقافة الغربية والرؤية الغربية أساسا لتعريف كل شيء. فقد يكون مفهوما بالنسبة لنا أن تتم المطالبة بمنع العنف ضد المرأة وعدم الاتجار بالمرأة، ويكون مفهوما لنا المطالبة بالمساواة بين الرجل والمرأة في كثير من الوظائف، ولكن من غير المنطقي أن تكون هناك مساواة في كل الوظائف، لأنه في هذه الحالة ستكون المساواة شيئا يضر بالمرأة. فليس من المتصور أن تعمل المرأة في وظيفة تقتضي منها البقاء أوقاتا طويلة خارج بيتها، لأن في بيتها مهاما لا يستطيع أبرع وأقوى رجل في العالم أن يقوم بها. إن في بيوتهن لعمل... يفوق عمل الرجال في المزراق. بكل صدق أقول إن لمسألة تحرير المرأة مفهوما مطاطا، ويستخدم بدرجة ما من قبل الغرب في الضغط على الغير كما يستخدم مصطلح حقوق الإنسان. وهذا هو الذي جعل كثيرا من الدول خارج نطاق الثقافة الأوروبية الأميركية، يباهون ويفخرون كلما حققوا إنجازا في مجال تمكين المرأة، سعيا لإرضاء الولايات المتحدة الأميركية وفريقها. العالم لم يتفق حتى الآن على تعريف للإرهاب، على رغم أن التوصل لهذا التعريف ليس بالأمر المستحيل، فكيف يمكن أن يتفق على سقف معين في مجال تحرير أو تمكين المرأة؟ المسألة فيها كثير من السياسة، وليس كل الشعارات المرفوعة ذات أهداف نبيلة. ألا يمكن أن تضع كل دولة معايير لنفسها تسعى لإنجازها في مجال المرأة وفق الدين والثقافة الخاصة بها، أليس في الإسلام الذي سمح للمرأة بأن تكون لها ملكيتها الخاصة ولا تنتقل ملكيتها لزوجها بعد الزواج، وألزم الرجل بالإنفاق في مقابل القوامة أن يوفر صيغة كاملة لحماية المرأة وتمكينها، ألم نقم في الداخل البحريني بسن قانونين مختلفين للأحكام الأسرية استجابة للاختلاف المذهبي؟ وإذا كان هناك تباين مذهبي على مستوى الدين الواحد في مسألة الفقه المتعلق بالأسرة والمرأة وحقوقها، لماذا يراد فرض ثقافة عالمية واحدة في وضع معايير كل شيء؟