رؤيا مغايرة

مجلس التعاون بين مقتضيات الماضي ومتطلبات الحاضر

| فاتن حمزة

احتفل قبل أيام مجلس التعاون الخليجي بمرور 35 عاماً على تأسيسه، نرفع خالص التهاني والتبريكات الى مقام أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس، حفظهم الله ورعاهم، وإلى كل مواطني دول المجلس بهذه المناسبة. إنه كيان جامع نشأ تلبيةً لطموحات شعوب الخليج وتطلعاتهم، حققنا الكثير من الإنجازات التي نفخر بها، ولكن مازالت مسيرتنا لم تكتمل بعد، فوحدتنا لم تنضج، 35 عاماً على إنشاء المجلس ولا تزال شعوبنا تحلم في الاتحاد الخليجي، إنه الإنجاز الحقيقي المنتظر الذي ترنو إليه، تطورات كثيرة ومعضلات سياسية وعراقيل اعترضت ومازالت تعترض تحقيق هذا الحلم تتطلب عزيمة وإرادة حاسمة، حلم تقريب المسافات وتوطيد الأواصر وتبني منظومة دفاعية فاعلة قادرة على تغيير الموازين لا يزال منتظراً، يجب تذليل الصعوبات لتحقيق الحلم الخادم لمصالحها في الداخل والخارج، فالهدف واحد والمصير واحد، والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية متماثلة. بالاتحاد سنصنع مستقبلا سياسيا وأمنيا بقوة تعاونية ذاتية مضاعفة لها ثقلها ومكانتها على المستويين الإقليمي والدولي، إمكانات وقرارات مشتركة سترهب العدو وستقف سداً منيعاً أمام ما يحاك ضد المنطقة من مخططات ومؤامرات. هناك جيل جديد لم يعاصر نشأة المجلس، ونحن بحاجة لغرس الحس المشترك والأثر الودي له بين الجيل الواعد بمواقف ملموسة، لن ننكر أن منهج المجلس يتقدم خطوات ويسلك مساراً مشرفاً، ولكن الأهم عدم التراجع واستكمال ما بدأناه بالاتحاد الخليجي وتوحيد الجوازات والعملة، فالقرارات المنفردة وأقلها اختلافنا في موقع المقرات (البنك المركزي.. نموذجاً)، سيجعلنا أبعد ما يكون عن مجرد التفكير في الاتحاد! لا نأمل أن يفقد المجلس يوماً رونقه وطعمه والهدف من إنشائه، كما لا نأمل أن تقودنا النظرة الضيقة واستئثار البعض في تبني منهج النصيب الأكبر من الكعكة لضعفه. فلنستوعب متطلبات المرحلة القادمة، وحذاري من غياب الرؤية الموحدة تجاه مؤامرات الداخل والخارج، وإلا فسيسهل تفرد القوى الخارجية بالمنطقة، حينها سيحتاج المجلس إلى دماء جديدة كي يستعيد المسلوب . سيبقى حلم التحول من التعاون إلى الاتحاد رغم كل التحديات السياسية والأمنية والعسكرية والصراعات، ورغم السياسات الإيرانية وتدخلاتها في شؤوننا الداخلية، ورغم ما يحدث في العراق، واليمن، وعدم استقرار المنطقة العربية فخيار الاتحاد أصبح خطوة ضرورية لا مفر منها. وما لا يدرك كله لا يترك كله، فإن أصبحنا في استحالة إعلان الاتحاد بين جميع دول المجلس، لا يعني عدم البدء باتحاد البعض حتى تكتمل المنظومة في قابل الأيام.