ستة على ستة

علم إسرائيل

| عطا السيد الشعراوي

رؤية علم إسرائيل من أسوأ المشاهد التي يمكن أن تثير كل مشاعر الضيق والاشمئزاز في نفس كل عربي أو مسلم لما يكنه من كره للكيان الذي يرمز إليه هذا العلم، حيث لا يمكن تخيل أن يكون هذا العلم ضمن الأعلام التي ترفرف على أراضينا وتعزف له الموسيقى  ويحاط بتقدير واحترام كما هو حال غيره من الأعلام. ولكن يبدو أن مسؤولي الكيان الصهيوني يخططون لهذه الخطوة ويعملون من أجلها بعد أن وجدوا كل الطرق مهيأة لذلك في ظل انكفاء كل دولة عربية على قضاياها ومشكلاتها وتراجع الاهتمام بما تتخذه دولة الاحتلال من سياسات وإجراءات. ففي شهر ابريل الماضي، أقدم مجلس الوزراء الإسرائيلي على خطوة غير مسبوقة بأن عقد جلسته الأسبوعية في هضبة الجولان السورية المحتلة بهدف إيصال رسالة للعرب والعالم بأن الانسحاب من تلك الهضبة المحتلة ليس واردا على الإطلاق، وأعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، صراحة حتى لا يتفنن البعض في تفسيرات بعيدة عن تلك الرسالة الواضحة وحتى لا يتسابق بعضنا في التقليل من خطورة هذه الخطوة، حيث قال هذا المجرم صراحة: “حان الوقت ليعترف المجتمع الدولي بالحقيقة، حان الوقت بعد 50 عاما ليعترف بأن الجولان سيبقى الى الابد تحت السيادة الإسرائيلية، وأعاد تكرارها مرة أخرى، قائلاً: “هضبة الجولان ستبقى في أيدي إسرائيل الى الابد، لن تنسحب إسرائيل أبدا من هضبة الجولان”. تبعت ذلك خطوة أخرى تحمل دلالات خطيرة، حيث تقدمت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف، ـ وهي التي كانت تشغل منصب الناطق العسكري باسم الجيش الإسرائيلي ـ  بمبادرة برفع علم إسرائيل في كل المؤسسات الثقافية والرياضية التي تحصل على تمويل منها، بما فيها منشآت عربية كالملاعب والمسارح، ومن المتوقع أن يعرض هذا المقترح على الكنيست الإسرائيلي. ووفقًا لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية نفسها ، فقد كلفت الوزيرة الإسرائيلية مدير مكتبها بإعداد خطة تلزم جميع المؤسسات والجمعيات التي تحصل على تمويل رسمي من الحكومة الإسرائيلية، برفع العلم الإسرائيلي، وتوقعت الصحيفة أن تثير هذه المبادرة غضبا كبيرا بين فلسطينيي الداخل، خصوصا أنها تشمل رفع العلم الإسرائيلي فوق مبنى مسرح الميدان بمدينة حيفا وملعب الدوحة بمدينة سخنين، اللذين رفضت إدارتاهما من قبل مثل هذه الخطوة. وتؤكد الصحيفة أن هناك إصرارا كبيرا من قبل الوزيرة ميري على إنجاز هذه الخطوة التي كانت ضمن أجندتها منذ ان تولت مسؤولية هذه الوزارة وتعهدت بتحقيقها وهي تعمل بدأب على ذلك، حيث قدمت قبل ذلك مشروع قانون يتعلق بإحداث تغييرات دراماتيكية في الموازنات المالية الخاصة بالمؤسسات الثقافية والفنية العربية، وتضمن وقف دعم المؤسسات التي “تسيئ” إلى إسرائيل وعلمها ورموزها، وتجريم اعتبار ذكرى استقلال إسرائيل يوما للنكبة، والتشكيك بقيام إسرائيل كدولة للشعب اليهودي. في الوقت الذي لم يسمع الكثير منا عن مبادرة الوزيرة الإسرائيلية وعدم اهتمام إعلامنا بها رغم خطورتها كونها تمثل تمهيدًا لخطوات أخرى مماثلة، وأنها بمثابة جس للنبضين العربي والإسلامي للنظر في إمكانية وتوقيت ومضمون غيرها من المبادرات التي تصب في ذات الاتجاه الذي يهدف إلى إزالة الحواجز المعنوية والقبول بتلك الدولة كغيرها من دول العالم التي نتواصل معها ونحترم علمها ورموزها، إلا أن هذه المبادرة الخطيرة  لقيت اهتمامًا إسرائيليًا، ورفضًا من قبل بعض الفنانين الذين اتهموا الوزيرة بأنها تكمم الأفواه وتعيد إسرائيل إلى عصور الظلام، بل اتهم رئيس بلدية سخنين مازن غنايم الوزيرة بأنها تتعمد البحث عن الإثارة بين حين وآخر، وتسعى لأن يتصدر اسمها نشرات الأخبار على حساب المدن العربية والمجتمع العربي في داخل إسرائيل.