الخبرات والكفاءات

| د.علي الصايغ

لطالما اعتدنا الحديث عن ضرورة وضع النصاب في محله في الدول العربية؛ بمعنى أن يوضع الشخص المناسب في المكان المناسب. إنَّ اعتبارات عدة، مستشرية في مجتمعاتنا العربية، لا تكاد تنفك عن كونها المحرك الأساس لتوزيع الوظائف. لم نخط حتى خطواتنا الأولى في تمحيص الكفاءات وجعلها في مكانها الذي يُفترض أن تكون فيه.البيئات الوظيفية العامة والخاصة في بعض الدول قد تكشف لنا الكثير من التخبط، فكم من مجتهد لا يلاقي تقديراً مناسباً لكفاءته وخبراته ويرتهن بمزاجية مسؤوله، في مقابل آخرين ينالون الحوافز والمكافآت والترقيات لاعتبارات خاصة بمرؤوسيهم، أساسها الأمزجة، وليست لها أدنى علاقة بالقوانين.لا جدال بأنها طبيعة إنسانية، تعتمد على صفات بشرية سلبية بحتة، ليست وليدة اليوم، لكن العمل ضمن إطار قوانين (العمل)، وضمن إطار النظام المؤسساتي والرغبة في أخذ مكانة مرموقة، ولكن الأمر لا يأتي ونحن نختزل أنفسنا باستيراد ذلك التقدم، ولكنها حالة عامة أكثر انتشارا ولا تبني هيكلة متينة على قواعد ثابتة تنظم عملها وتيسر نجاحاتها. إننا اليوم بحاجة حتماً إلى تغليب قوانين العمل وتفعيلها على حساب أهوائنا الشخصية حتى يمكننا الرقي بمجتمعنا إلى مجتمع عمل صحي يبعد كل البعد عن مصالح شخصية هي في الدنو إلى درجة أننا لن نتمكن من صقل كفاءاتنا وبالتالي مجتمعنا إذا ما استشرت فينا وأصبحت تدير قطب الرحى.هذه التمنيات قد تكون صعبة المنال إلى درجة ما، لكنها تبقى مجردة من الأهواء والأمزجة، خصوصاً ونحن على أعتاب عيد العمال الجديد الذي نحتفل به في كل عام على أمل أن نكون قد حققنا ما نصبوا إليه في مجالات العمل كافة.