العيد الوطني والمشروع الإصلاحي

| كمال الذيب

يحيلنا الاحتفال بذكرى العيد الوطني، وبذكرى تولي جلالة الملك مقاليد الحكم، إلى استحضار ما تحقق من إنجازات عديدة على كافة الصعد، لا ينكرها إلا جاحد، ولكن تحيلنا هذه المناسبة أيضا إلى ربط المنجز الذي تحقق إلى حد كبير بالمشروع الإصلاحي، باعتباره ثمرة من ثماره العديدة، حيث لم تكن لحظة المشروع منقطعة عن التجربة التاريخية للمجتمع البحريني، فبفضل المشروع أمكن تحقيق التحول في مسيرة البحرين السياسية خصوصا، انطلاقا من الإقرار بحتمية اختيار المسار الديمقراطي التشاركي، انسجاما مع التطور التاريخي للمجتمع والذي أصبحت الديمقراطية بالنسبة إليه ضرورة حتمية. واللافت في المشروع الإصلاحي الذي يعد المحرك للنهضة والتنمية معا أنه قام على معادلتي (التوازن) و(التدرج) اللتين أمنتا استمراره على الرغم من التحديات التي واجهته: التوازن: انطلاقا من الإدراك أن الأمور في المجتمع لا تستقيم إلا بالشراكة الوطنية. التدرج: بإدراك أن بناء الديمقراطية عملية ممتدة في الزمن، تحتاج إلى التقدم بهدوء وبشكل تدريجي، بما يجنبها العثرات التي من شأنها الإضرار بالتجربة. ولعل هذه المعادلة هي التي جعلت المشروع أحد أهم مصادر الاستقرار السياسي والاجتماعي، بما ساعد على الانقطاع للعمل التنموي وزيادة الثقة في المستقبل، وتعزيز المجتمع الديمقراطي الذي شكلت فيه المشاركة محورا أساسيا، وهيأت المجال لاستشراف تطور المجتمع الذي يتسم بالحركية والتفتح، ويتزايد فيه إسهام الفرد في الجهد الجماعي السياسي والتنموي، بما توافر من فضاءات جديدة للحوار وتبادل الرأي في مجتمع أكثر استعدادا لتقبل البناء الديمقراطي وأشد حرصا على تكريسه ودعمه وحمايته. لقد كان التطور الذي أحدثه هذا المشروع تغييرا هادئا متبصرا، بما أثبته من قدرة على إدخال الإصلاحات وفق جدول زمني يراعي الظروف المحلية، ويضمن أوفر حظوظ النجاح للخطوات المنجزة، ويقي البلد من مخاطر القفز في المجهول، في سياق الاستجابة لنداء الواجب واستنهاضا لطاقة البناء والتجديد. ولذلك عندما نحتفل اليوم بالأعياد الوطنية لابد أن نستذكر قوة الدفع التاريخية التي جاء بها المشروع الإصلاحي.  * كاتب وإعلامي بحريني