أطبّاء أم تجار؟

| محمد المحفوظ

إنّ صورة الطبيب المكرسة في مخيلة الناس هو ذاك الإنسان الذي يسعى بكل جهد لإعادة البسمة إلى وجوههم وبذل أقصى ما يمكنه لتخفيف آلامهم، بيد أنّ نظرة الكثيرين اليوم للأطباء أنهم حولوا أنبل مهنة على الإطلاق إلى مصدر للكسب السريع، وإلا ماذا يعني رفع رسوم المعاينة إلى مبالغ خيالية يعجز الكثيرون عن الوفاء بها؟ هل نعيد التذكير بأنّ الطبّ في الأساس مهنة إنسانية لا يجب أن تتحول إلى وسيلة للثراء.. من يصدق أنّ رسم فتح ملف لدى البعض بلغ 30 دينارا؟ ناهيك عن الأعباء الأخرى! السؤال لماذا لا يكون هناك إشراف مباشر من وزارة الصحة؟ ولماذا تركت للمستشفيات الخاصة الحرية في فرض ما تراه من رسوم وهي تفوق قدرة أغلبية الناس؟ السؤال الأهم لماذا نلقي باللائمة على المرضى إذا اختاروا المراكز الخاصة وجهة للعلاج بعد أن أصبحت المواعيد في السلمانية تتطلب الانتظار لأشهر طويلة قد تمتد إلى ستة وأكثر؟ إنّ المغالاة في الرسوم أضحت ظاهرة لدى أعداد غير قليلة من الأطباء، وقد يبرر البعض أنه لا دخل لهم بالرسوم، وأنّ المستشفيات هي من تفرضها، لكن السؤال لماذا نجد فارقا بين طبيب وآخر في ذات المستشفى؟ فبينما يكتفي بعض الأطباء وهؤلاء قلة جدا برسوم رمزية جدا رغم خبرتهم وكفاءتهم العالية فإنّ آخرين يضاعفون الرسوم إلى حد جنوني غير عابئين بأوضاع المواطنين. الشكاوى من جنون العلاج في المراكز الخاصة باتت حديثا شبه يومي للناس، وأتذكر أنّ أحدهم سرد لي يوما مأساته قائلا: كل طبيب أذهب إليه يتعامل معي كما لو أننيّ مصرف متحرك! ولبالغ الأسف يتجاهلون ظروفنا الاقتصادية الصعبة. وفي ظل هذه الظروف بالغة التعقيد لا يبدو أنّ ثمة حلا في الأفق القريب طالما بقي إصرار الأطباء على موقفهم. صحيح أنّ عددا ضئيلا من المراكز الطبية الخاصة يقدم خدمات طبية في متناول الكثيرين، بيد أنها لا تشمل كل الخدمات، أي تقتصر على الإسعافات الأولية فقط، أي أنّ المعضلة لا تزال دون حل. * كاتب وتربوي بحريني