لماذا تركع البشرية على ركبتيها أمام الشرور والحروب

| أسامة الماجد

لقد أصبح الإنسان وهو أفضل خلق الله مثل البلبل الضائع في الأودية، لا يقترب من القمح ولا يستأنس بقصائد الشمس وشلالات الضوء، اختصر التاريخ في جملة واحدة وهي “حروب ودمار”.. في العظم والفؤاد والجلد والرأس، وأصبح يموت ألف ميتة في اليوم، ويستلذ بطعم ملح البحر والتشرد في الشوارع الحزينة كقطيع هائج صامت صمت السواد. ما الذي يحصل على كوكب الأرض اليوم، ولماذا قصص فضائح الإنسان زادت عن بطولاته، والإيقاع العاطفي المزروع داخل قلبه كقصيدة ترقد في مدى الخير والطمأنينة.. لماذا تحولنا إلى أشباح نعبس ولا نضحك، ونتكئ على جدران مغبرة، حيث ضيعنا الميراث الذي كدسه لنا الأنبياء والأخيار، واخترنا الدور الصعب وعدم الكفاية في الجهد لتحقيق المثل الأعلى، والاستسلام للميول الشريرة والأنانية والتراخي. أشعر أن العالم قد تغير أكثر مما تغير طوال قرون خالية، وإذا كان “برغسون” قد أكد أن الإنسانية قطعت في أقل من مئة سنة، شوطا علميا وتكنيكيا لم تقطعه منذ نشأتها، فهي اتجهت – والحق يقال – إلى اجتثاث جذور الخير والسلام والمحبة من قلب الإنسان، وإلى كارثة مدمرة، وكما قال الفيزيائي الشهير سميث “إن الحضارة ستختار في يوم قريب وسيلة انتحارها”. كيف سنعلم الأجيال القادمة المنحى الأصيل ومعالم الطريق الحقيقية، ونحن قد جرفتنا موجة الخروج من دائرة الجسد الواحد والتسامح والصدق والتآزر وقيم السلام. تتقدم الإنسانية خطوة للأمام، ثم تعود إلى الوراء ثلاثين ألف سنة وتركع على ركبتيها أمام الشرور والحروب وتصرخ.. ساعدوني، ساعدوني، حتى يفيض صوتها بالبكاء ويرتعش جسدها بشدة. أنا لا أملك ما يملكه الكثيرون من قدرة على التنبؤ بالغيب، لكن ها أنا أخرج المحبرة والقلم والأوراق وأكتب.. ستنقطع عنا معونة السماء، وهذا اليوم قريب، قريب وإن رآه البشر بعيدا. كاتب بحريني