“آفة” تفضيل الأجنبي في التعليم!

| د. جاسم المحاري

ازدحمت مؤخراً مواقع التواصل الاجتماعي في إحدى الدول المجاورة بدعوات المغردين “الاستنكارية” التي طالبت خلالها الجهات المعنية بضرورة تقنين مشاركة الأجنبي في الإدارات التنفيذية، لضمان إيجاد الوظائف للخريجين من أهل الوطن، والحدّ من ممارسات القطاع الخاص ممثلا في الشركات والمؤسسات والمصانع والمجموعات الاستثمارية الخاصة في مختلف المجالات الخدمية، ولاسيما التعليم الخاص في ميدان المدارس الخاصة الدولية والجامعات والصروح التدريبية التي يتبوأ فيها الأجنبي المناصب الإدارية ويحتكر الوظائف والشواغر، ضاربين فيها عرض الحائط ما يُسمى “قانون الفرص المتساوية” الذي صيّر بطالة الشباب وصمة (مُخزية) في بلدهم بإرادة أرباب الأعمال والمسؤولين وصُنّاع السياسات فيها، والذين لا يستجيبون رغم كثرة الشكاوى والنداءات المتوالية التي تصلهم في وسائل الإعلام المتنوعة على حدّ قولهم. على الساحة المحلية، تبدو الصورة أكثر وضوحاً حول معدلات البطالة التي ترتبط بمعدلات النمو وفق السائد بين المعنيين بالشأن الاقتصادي الذي كلما زاد النشاط الاستثماري في القطاع الخاص - حقل التعليم المدرسي والجامعي الخاص مثالاً حسب “غالبية” المُعطيات الميدانية – كلما زادت معدلات توظيف الأجانب مقابل نمو محدود في “بحرنة” الوظائف الإدارية والتنفيذية التي تعكس “تشوهات” في مفاهيم البحرنة التي تُبقي الأجنبي في منصب المدير والرئيس والمنسق الذي يندرج تحت (إِمْرَته) المواطن البحريني الكفء – بكل أسف - في وظيفة معلم أو مُنظف أو مراسل أو بستاني أو عامل صيانة أو.. إلخ، وأجدر بأرباب الأعمال وصُنّاع السياسات استقراء السلوكات العامة بتنفيذ سياسات “التجاهل المحمود” في ملاحقة الأجانب وإعادة شحن طموحات المواطن وتجفيف بيئات بطالة الشباب البحريني المؤهل وسط ديناميكية الأسواق التعليمية المتنامية في بلدنا الحبيب. نافلة: أكدّ قانون العمل الأهلي في نصوصه مُراعاة صاحب العمل في إعطاء الأفضلية للعامل البحريني على الأجنبي عند الاستخدام وفي تسريح العامل الأجنبي قبل البحريني متى ما كان صالحاً لأداء العمل، وهو “تضارب” بَيّنٌ لما وصفه أحد البرلمانيين مؤخراً بـ “الحقيقة المؤلمة” التي تذهب فيها وظائف القطاع الخاص ذات الرواتب العالية والامتيازات الفريدة والعلاوات الباهظة للأجنبي الذي يتمتع ببدل السكن والسيارة الخاصة والدراسة للأبناء وصرف التذاكر السنوية وغيرها في ظل توافر الكفاءات البحرينية بمختلف التخصصات، ولا سيّما في قطاع المدارس والجامعات الخاصّة الذي ظل مقترح القانون المعدّل لأحكام المرسوم بقانون رقم (25) لسنة 1998م لتوظيف البحريني فيها موجوداً ولكنّه مجرد من التطبيق الذي قد يُمكن من سدّ الفجوة بين مخرجات التعليم والتوظيف. * كاتب وأكاديمي بحريني