“مواطنين عايشين بين المايتين”

| عبدالعزيز الجودر

في محافظات المملكة، أصحاب البيوت القديمة في “الفرجان العتيجة” لا حول لهم ولا قوة، فهم حاليا يعانون ويئنون بسبب تجميد ممتلكاتهم الخاصة ووضع الاشتراطات التعجيزية الصعبة أمامهم بعدم السماح لهم بالتصرف فيها كإزالتها وبنائها من جديد، فهم أمانة “عايشين بين المايتين لا هم حق القوع ولا هم حق السطح”، وكأن لا قدر الله صدرت أحكام عليهم تلزمهم بتنفيذ ذلك. نعلم أن هناك اتفاقا قديما بين وزارة شؤون البلديات والزراعة وهيئة البحرين للثقافة والآثار تم بموجبه عدم منح وزارة شؤون البلديات والزراعة رخصا للمواطنين الذين يطلبون الموافقة على الهدم، وذلك حفاظا على هوية تلك البيوت القديمة كونها تعتبر مواقع تراثية يجب عدم التفريط فيها، وعلى كل من يريد التصرف فيها فقط ترميمها بحسب اشتراطات هيئة البحرين للثقافة والآثار. في الآن نفسه نجد أن أغلب تلك المنازل غير صالحة للسكن، خصوصا المبنية من الطين، فهي متهالكة وأوضاعها متردية “وسيسانها هابعة”، وفوق ذلك آيلة للسقوط في أية لحظة، وهنا الخوف المرعب والطامة الكبرى، خصوصا أن تلك المناطق مأهولة بالمواطنين الصامدين الذين لم يستطيعوا أن “يضعنوا” عنها ويتركوها بإرادتهم، فهم مجبرون على الإقامة فيها بسبب أوضاعهم المالية والمعيشية المتردية وقلة الحيلة، إلى أن ينظر الله في أمرهم، أو من أسر وأفراد الجاليات الآسيوية أو غيرهم من الجنسيات الأخرى. الشاهد من حديثنا هذا، لابد لهيئة البحرين للثقافة والآثار ووزارة شؤون البلديات والزراعة مع تقديرنا الكامل للجهود والمساعي التي تبذل من أجل المحافظة على المواقع والبيوت التراثية القديمة، لكن آن الأوان لتلك الجهات الرسمية لإعادة النظر في هذه الإشكالية “العويصة” والإسراع بتصحيح مسارها، وذلك بعد مضي سنوات طويلة عليها دون أن يجد أولئك المواطنون المتضررون حلا جذريا يرضيهم، مثل استملاك تلك المنازل القديمة من أصحابها الذين يرغبون في بيعها وتعويضهم بمبالغ مجزية بحيث تكون أغلى من أسعارها السوقية وتتماشى مع القيمة التاريخية والمكانة الأثرية. وعساكم عالقوة.

*كاتب بحريني