اتجاهات جديدة

| د. سمر الأبيوكي

عشر سنوات لا أكثر، كفيلة بقلب الإنسانية رأسا على عقب، مع تنامي استخدام الذكاء الاصطناعي للحد الذي أصبح فيه قادرا على تلفيق الأكاذيب! نعم، ففي تجربة حديثة للذكاء الاصطناعي في مجال رؤوس الأموال والتداول في البورصات، استطاع الذكاء الاصطناعي أن يقتحم المجال بقوة، الأمر الوحيد الذي كان عائقا أمامه هو بعض كلمات المرور التي تنشرها المواقع للتأكد إذا ما كان الشخص آدميا أو روبوتا، وقد فاجأ الذكاء الاصطناعي أصحاب التجربة بأنه دخل موقعا آخر للمساعدة في قراءة كلمة المرور وكتابتها، وعند سؤاله إن كان روبوتا، أنكر وقال إنه رجل أعمى! هل لكم أن تتخيلوا حجم المصيبة الكبيرة التي وقعت فيها البشرية! لقد كذب الذكاء الاصطناعي! استخدم أمكر الحيل للوصول إلى ما يريد، المسألة أكبر من أنه قادر على البحث وتركيب المقاطع واستخدام شفرات الصوت وتعابير الوجه، إنه أعمق من ذلك بكثير، لذلك أرى أن معظم المجالات سيكتسحها الذكاء الاصطناعي وهو ما يملي على البشرية خطوطا عريضة جديدة تغير معادلات الحياة. في رأيي الخاص، إنه الوقت الصحيح الآن للاهتمام بالإنسانيات، بكل ما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي القيام به، بالأمور البسيطة التي كان أجدادنا يقومون بها كهوايات زراعة الحديقة أو الصيد أو تنظيم مائدة طعام أو حتى غزل قطعة ملابس من الصوف، تلك الهوايات والمهارات التي تركناها جانبا أمام التزامنا التام باتجاهات البشرية الحديثة، فبات الجميع يذهب للمدارس والجامعات والأعمال، بالإضافة إلى التسابق في جني الشهادات، وإهمالنا التام للمهارات اليدوية والكثير من المشاعر الإنسانية، إنه الوقت الحاسم لتغيير البوصلة وإلا ستكون جالسا بلا عمل ولا مهارة تدر عليك ربحا أمام هذا الغول الجديد الذي يسمى بالذكاء الاصطناعي. الأيام القادمة كفيلة بإثبات ما أرمي إليه، وأول المجالات مجال الإعلام الذي اقتحمه الذكاء الاصطناعي، فأصبح يكتب النصوص ويغير الوجوه ويتلاعب في الأصوات بكل حرفية وإتقان، بل ويزيد على ذلك في مهارات كثيرة.. بينما نحن نقف متأخرين خمسين سنة أو أكثر، مازلنا نتحدث عن قانون تنظيم الصحافة نقره أو نهمله. *كاتبة وأكاديمية بحرينية