حقوق الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي

| د. عبدالقادر ورسمه

في مسار البشرية وتطورها الطبيعي في مجال العلوم، تم انتقالنا بفضل العمل المتواصل من عصر الثورة الصناعية الأولى حتى وصلنا الآن لعصر الثورة الصناعية الرابعة التي أتت لنا بفضل الثورة التقنية المتطورة وابتكاراتها المستمرة. ومن ضمن مخرجات الثورة الصناعية الرابعة نجد، تقنية "الذكاء الاصطناعي". وعبر هذه التقنية يتم الاستفادة بالآلة "الجماد" في العديد من الأعمال نيابة عن العقل واليد البشرية أو بالتعاون معها. وفي تقنية الذكاء الاصطناعي، يقوم الفنيون بوضع برامج معينة لتمكين الآلة من التحرك والعمل وفق البرامج التقنية المعدة خصيصا لذلك الغرض. ومن هذا مثلا، نجد الروبوت والدرون وسيارة السياقة الآلية وغيرهم من أفعال هذا الذكاء التقني. وبفضل الذكاء الاصطناعي تعمل الدرون على توصيل الرسائل، ويعمل الروبوت في الصناعة الدقيقة والعمليات الجراحية، وتتحرك السيارة ذاتيا بدون سائق بشري، والأمثلة عديدة. وهكذا وبفضل الذكاء المبرمج تقوم الآلات بمهام عديدة، وهذا أدى لظهور نوع جديد من العمالة ينافس البشر، وقد يحل محلهم في عدة مهام. ومن هذا يتخوف البعض لأن "المنافس" والعامل الجديد خطير جدا ويعمل في صمت وبدون توقف أو احتجاج أو مطالبات وكل هذا يغري أصحاب الأعمال للتوسع في الاعتماد على الآلة الدائمة البكماء الخرساء. ونظرا لظهور أهمية الذكاء الاصطناعي ومنتجاته وأذرعه المتعددة، بدأ التنافس المحموم بين الجميع لتطوير الذكاء الاصطناعي وتوسيع مجالاته وتنويع مهامه وإحداثياته وذلك نظرا للسوق المتعطش، وفي هذا فلينافس المتنافسون. ومن أكبر الشركات التي انغمست في هذا التنافس نجد، مايكروسوفت، سامسونغ، قوقل، فيليبس، سيمنس، سوني، انتل، كانون، آي بي أم، وغيرهم، وكما نرى كل هذه الشركات، تتنافس الآن في هذا المجال الجديد وتبدع في الابتكارات والتطوير الفني، وبالطبع هذا النشاط يعود بالفائدة المباشرة للشركات وكذلك يعود لفائدة المستهلك الذي يرغب في المزيد من التقنيات الحديثة والمزيد من المجالات التي يمكن أن يلجأ اليها ويستفيد منها في أعماله أو في حياته الشخصية أو لفائدة المجتمع. وبالطبع هذا الانتاج الجديد يجب أن تحرص الشركات على تسجيله لحفظ حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع والأسماء وما ينجم عن كل هذا من فوائد مادية ومعنوية وغيرها من الحقوق الفنية والتقنية وقصب السبق. والسؤال الذي يطرح نفسه ؟ هل نطبق نفس القوانين والأنظمة المتبعة الآن وهي أصلا صممت للأعمال "التقليدية" المعروفة والمرئية من انتاج البشر، وكيف يتم تحديد ما هو جديد وكيف يتم تحديد الفوائد الناتجة عنه ومن يقوم بهذا وكيف يقوم بهذا ؟ هذه أسئلة قانونية مشروعة تحتاج للإجابات حتى يستقر الوضع ويأخذ كل ذي حق حقه. ومن المهم جدا معرفة أين يتم التسجيل وكيف يتم التصنيف الفني للمنتج الجديد ودرجات هذا التصنيف حتى يلجأ له الآخرون في أي وقت وكلما استجد جديد من ابتكارات الذكاء الاصطناعي. وللعلم، نقول إن القضايا والمنازعات والخلافات بدأت وظهرت للعيان ومنها ما أخذ طريقه للقضاء وكذلك ذهب بعضها للجهات المختصة في هذا المجال للاستنارة والتشاور. وعموما، الموضوع برمته يعتبر حديثا ويحتاج منا للكثير من "الذكاء الطبيعي" لنفهم الأمر. والمطلوب من الأفراد والشركات المتنافسة في هذا المجال، تكملة المشوار وتبيين محتوى براءة الاختراع الجديد وما هي الحدود الجديدة المبتكرة وكيفية ابتكارها وما هي خصوصيتها التقنية الفنية وأين "الأصالة" في المنتج وماذا أضاف لمصلحة المستهلك والبشرية. وفي المقابل، يجب ايجاد الوسائل القانونية المتطورة لحفظ هذه الحقوق الجديدة الشكل والمحتوى وتسجيلها وحمايتها من التغول والتربص والانتهاك، وكل هذا سيساعد في نشر التقنية الحديثة وحمايتها مع شحذ الهمم للمزيد من الذكاء الاصطناعي المفيد للبشرية ..