انتهاك الكاميرات خصوصية الأفراد مخالفة للدستور
| إعداد: منال الشيخ
تستقبل “البلاد” مختلف الاستفسارات وطلبات الاستشارة القانونية. وجرى التعاون مع نخبة من المحامين المرموقين الذين تفضلوا بالموافقة على الإجابة عن استفسارات القراء، التي وصلت لبريد معد الزاوية (algayeb@gmail.com) أو من خلال حسابات “البلاد” بمنصات التواصل الاجتماعي. وللسائل ذكر اسمه إن رغب. ومعنا في زاوية اليوم المحامية جنان أنور
السؤال: استفسر حسن، وهو متابع زاوية قضايا قانونية، قائلًا: جاري وضع كاميرا مراقبة موجهة لمنزلي وتكشف كل تفاصيل منزلي وتعتدي على خصوصيتي، فما الحل؟
المحامية جنان أنور: لكاميرات المراقبة دور واضح في حماية أرواح وممتلكات الأشخاص بالتعرف على الجرائم حال وقوعها وغيرها من فوائد غير محدودة، ولكن في الوقت نفسه قد تؤدي لتضييق حريات الأفراد أو المساس بالحياة الشخصية للأفراد بالتجسس عليهم، ما يعد انتهاكا لخصوصية الحياة الشخصية الذي كفلها الدستور في نص المادة 19/أ (الحرية الشخصية مكفولة وفقًا للقانون).
يعد في الأصل وضع الكاميرات من قبل مالك العقار أو المنتفع به أمرا مباحا قانونًا، ولكن عندما يتسبب وجود هذه الكاميرات في المساس بالحياة الخاصة للأفراد فإنه يعد مخالفة للدستور ويعاقب عليه في قانون العقوبات البحريني، إذ نصت المادة 290 على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تزید على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تجاوز خمسين دينارا من تسبب عمدًا في إزعاج غیره بإساءة استعمال أجهزة المواصلات السلكية أو اللاسلكية).
يذكر أنه يؤخذ بعين الاعتبار أساسًا المكان الذي تطل عليه كاميرات المراقبة، حيث عندما تكون مطلة على منطقة عامة لا يوجد أي مخالفة في ذلك، ولكن الإشكالية هي عندما تنتهك هذه الكاميرات حدود البيوت الخاصة للأفراد، وهو المكان الذي يؤمن فيه الإنسان على نفسه وأسرته ولا يمكن للغير الاطلاع عليه كما هو مشار في الاستفسار أعلاه. واستنادًا إلى ما تقدم من مواد القانون أعلاه وفي الإجابة على السؤال فإن الجار الذي يضع كاميرات المراقبة يعد متعسفًا في استعمال حقه ويعتبر استعماله لهذا الحق استعمالًا غير مشروع حسب ما أشارت إليه المادة 28 من القانون المدني البحريني بأنه يعد استعمال الحق غير مشروع في حال كانت المصالح أو المصلحة التي يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها.
إن وضع كاميرات تطل على بيت الجار من الداخل يؤدي لضرر بالغ يفوق أهمية وجود هذه الكاميرات، وإن واضع الكاميرا بإمكانه إزالتها أو تغيير اتجاهها بحيث لا تؤدي لانتهاك أو المساس بخصوصية المنازل المقابلة له.
وفي حال انتهاك الخصوصية فبإمكان المتضرر اللجوء للجهات القضائية والمطالبة بتعويض عن الضرر المحدق، حيث نصت المادة 162 من القانون المدني البحريني على أنه (يشمل الضرر الأدبي على الأخص ما يلحق الشخص من أذى جسماني أو نفسي نتيجة المساس بحياته أو بجسمه أو بحريته أو بعرضه أو بشرفه أو بسمعته أو بمركزه الاجتماعي أو الأدبي أو باعتباره المالي كما يشمل الضرر الأدبي كذلك ما يستشعره الشخص من الحزن والأسى)، ويجوز في تقدير تعويض الضرر عن العمل غير المشروع في حال عدم الاتفاق أن يقوم القاضي تبعًا لظروف الحال وبناءً على طلب المضرور أن يحكم بإعادة الحال إلى ما كانت عليه أو أي أداء آخر على سبيل التعويض، ويكون تقدير التعويض نقدًا، علمًا أنه لا تسمع دعوى المسؤولية عن العمل غير المشروع حسب ما جاء بصريح نص المادة (180) من القانون ذاته بمضي 3 سنوات من يوم علم المضرور وبمن يسأل عنه أو 15 سنة من وقوع العمل غير المشروع أي المدتين تنقضي أولًا.