سوالف

لسنا كتابا مأجورين.. ولا أحد يستطيع أن يطفئ أضواء الصحافة

| أسامة الماجد

القصة التمثيلية شكل من أشكال الأدب، لها كيان مستقل منسق كالقصيدة والصورة والهيكل الهندسي، ذات جمال في التركيب، والتمثيل ما هو إلا مجرد تفسير وليس ضرورة أو غاية أو إتماما للقصة التمثيلية، وهذا ما يفعله بعض النواب الذين يمتلكون مزاج الممثل وطبيعته ووسيلته الخاصة في إظهار مكنون فكره، ومؤخرا زادت العروض التمثيلية الجديدة التي تتهم الأقلام الوطنية التي تجابه العالم كله من أجل رفعة الوطن والدفاع عنه لسنوات طويلة جدا بـ “المأجورة”، وهي في تصورنا محاولة أخرى من تلك المحاولات الفاشلة التي يبتدعها بعض النواب الناقمين على الصحافة وكتاب الرأي لإنقاذ أنفسهم من التدهور الحتمي، ولإعطاء ما تبقى لهم من أنفاس طابع المصلحة العامة. هناك اهتزاز جذري يصيبهم عندما تكتب الصحافة وتحمل بدورها هموم المواطن وتكون منبرا صادقا، فحرية التعبير تغضبهم وأي دفاع عن أي مسؤول حكومي بالدلائل والأرقام يضعونه في الدوائر المشبوهة، فهم الوحيدون الذين يحق لهم الكلام والمناقشة وتوجيه الاتهامات، وهم أصحاب المعيار الأكثر سموا، غير أن هذه الآيديولوجيا لن تكون لهم كما يعتقدون قلعة قوية ضد الصحافة التي تعودت الصمود أمام المتاعب والتيارات والأحداث، ولها أعصاب من حديد كونها مرآة المجتمع وتحمل رسالة ضخمة، لكن من ينفر منها يراها حسب مخيلته امرأة دميمة وليست امرأة جميلة. ليس في الوجود شيء لا يأخذ ولا يعطي.. كل شيء في هذا الكون يعتمد على كل شيء في هذا الكون، بنيان مرصوص يشد بعضه بعضا، وكل خلق بنيان، ولا بنيان بغير وحدة شاملة، ولا وحدة شاملة بغير تضامن بين الحجر والحجر، وبين الجزء والجزء، وهؤلاء لا يريدون للصحافة أن تكون جزءا في بنيان المجتمع، فيتصورونها محاكمة تعلن على الملأ، ويطلبون من كاتب الرأي أن يلتزم الصمت. على أية حال لا أحد يستطيع أن يطفئ أضواء الصحافة ومن غير اللائق التشكيك في نزاهة الأقلام ونعتها بـ “المأجورة” بلا برهان، بمجرد أنهم ضربوا على الطاولة ودافعوا عن هذا الوزير أو ذاك المتسلح بالأرقام الحكومية الرسمية في جلسات مجلس النواب  * كاتب بحريني