نحو ريادة أعمال اجتماعية حديثة

| سارة عابدين

لا يخفى على أحد تعطش العالم لمزيد من الحلول المبتكرة للعديد من المشكلات التي نراها حولنا على مختلف الأصعدة وسعي الدول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تعمل على خلق بيئات أفضل، لذا فإن العمل على إنشاء مزيد من مشروعات ريادة الأعمال الاجتماعية النوعية الناجحة يمثل ضورة ملحة وحتمية للتغلب على تحديات كالبطالة والتلوث وضعف مخرجات التعليم ومحدودية الخدمات الصحة وغيرها. إن ريادة الأعمال الاجتماعية تتمثل في المؤسسات والمنظمات التي تقودها رؤية اجتماعية أو بيئية أو ثقافية  محددة تسعى لإحداث تأثير إيجابي في العالم من خلال تقديم منتجات وخدمات وحلول تفيد المجتمع وتعالج  العديد من القضايا بفعالية، حيث يرتكز عملها على خلق مستقبل أكثر إنصافا واستدامة، وتسخر عملياتها لحل المشكلات في مجتمعاتنا بالتزامن مع خلق قيمة اقتصادية في بعض الأحيان.  كما أن آخر الإحصاءات العالمية تذكر أن عدد مؤسسات ريادة الأعمال الاجتماعية تصل إلى 11 مليون مؤسسة حول العالم، حيث تمثل ما نسبته 3.2 % من عدد المؤسسات عالميًا سواء كانت ناشئة أو في مراحل أكثر نضجا، في حين أن هذه النسبة ترتفع لتصل إلى 11 % في الولايات المتحدة وأستراليا.  وتنقسم مؤسسات ريادة الأعمال الاجتماعية إلى 3 أنواع وهي المؤسسات غير الربحية مثل الجمعيات الأهلية والمؤسسات الربحية والمختلطة، وتعتمد هذه الأخيرة على التمويل الذاتي لمواصلة عملياتها بحيث لا يتعدى ربحها هدف تحقيق الاستدامة والاستقلالية المالية. وخلال هذا المقال سوف نستكشف كيف يمكن أن نخطو بثبات نحو ريادة أعمال اجتماعية حديثة في مجتمعاتنا. حيث يرتكز هذا الثبات على مجموعة من الأسس التي لا يصح البناء من دونها كي يخطو رائد الأعمال الاجتماعي بثبات نحو ريادة أعمال اجتماعية حديثة. وعليه فإنه يجب قبل بدء أي مشروع اجتماعي بالعمل على تحديد المشكلة المراد حلها بدقة ودراسة الاحتياجات الحالية أو استشراف الاحتياجات المستقبلية والفجوات المتوقع اتساعها في المستقبل، أما ثاني هذه الأسس فيكون أثناء سير العمليات من مراعاة ترشيد المصروفات وتوفير الطاقة إضافة للاستهلاك الذكي والمبتكر للموارد والمواد المتاحة من أجل توفير خدمة أو منتج أفضل يقوم بسد فجوة في المجتمع مع مراعاة تقليل المخلفات لأبعد مدى أو تحويلها لموارد يعاد استخدامها، ما يؤدي لترشيد النفقات التشغيلية ورفع الكفاءة بما يحسن المستوى الاقتصادي للمؤسسة ويوسع هامش الربح، ما يعزز الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لهذه المؤسسات ذات الأهداف النبيلة. أما ثالث هذه الأسس فيرتكز على أن تقديم الحلول المبتكرة هو الهدف الأساس لمؤسسات ريادة الأعمال الاجتماعية وبالتالي فإن التركيز على الميزة التنافسية والقدرة على طرح ما يتناسب مع احتياجات المجتمع بصورة خلاقة يجب أن يكون نصب أعين رواد الأعمال الاجتماعيين بصورة دائمة وديناميكية لمواكبة واستباق التغيرات. أما الأساس الرابع والذي يضمن النجاح والاستمرارية وتحقيق الأهداف لهذه المؤسسات فهو كسب التفاف الموظفين والمساهمين حول أهداف المؤسسة المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة واستشعارهم أهميةدورهم الفعال في سد ثغرات موجودة في مجتمعاتهم وخدمة أوطانهم.  هذه الركائز الأربع تمثل بعض النواحي المهمة التي يجب أن يضعها رواد الأعمال الاجتماعيون نصب أعينهم لتحقيق الاستدامة لمشروعاتهم ومؤسساتهم، التي تمثل مؤشرا فعالا وحيويا يظهر تقدم الدول حيث يعكس نضوج هذه المؤسسات ووعي المجتمعات التي تعمل فيها وتحصرها.