منظور دولي وخليجي: توقعات أسعار الفائدة ومعدلات التضخم للعام 2023

| فدوى البواردي

ونحن‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬2023،‭ ‬وبعد‭ ‬تداعيات‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وتأثر‭ ‬سلاسل‭ ‬الإمداد‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬ونقص‭ ‬الغاز‭ ‬والطعام،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تداعيات‭ ‬جائحة‭ ‬الكوفيد‭ ‬19،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬اقتصادات‭ ‬الدول‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬قلة‭ ‬توفر‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬والمواد‭ ‬الأولية‭ ‬ومصادر‭ ‬الطاقة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬التضخم‭ ‬وغلاء‭ ‬الأسعار‭ ‬بمستويات‭ ‬كبيرة‭.‬

‭ ‬ولذلك،‭ ‬يبقى‭ ‬الهدف‭ ‬الأساس‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬رفع‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬البنوك‭ ‬المركزية،‭ ‬هو‭ ‬خفض‭ ‬السيولة‭ ‬النقدية‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬لإبطاء‭ ‬الاستهلاك،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬خفض‭ ‬التضخم،‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬رفع‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة‭ ‬سيؤدي‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الودائع‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬ونقل‭ ‬السيولة‭ ‬النقدية‭ ‬إليها،‭ ‬حيث‭ ‬يطمح‭ ‬أصحاب‭ ‬الودائع‭ ‬إلى‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬فوائد‭ ‬وعوائد‭ ‬مرتفعة‭ ‬من‭ ‬البنوك‭ ‬لتلك‭ ‬الودائع‭.‬

وتأثير‭ ‬رفع‭ ‬سعر‭ ‬الفائدة‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬هو‭ ‬سلبي‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬الأحيان،‭ ‬رغم‭ ‬أنه‭ ‬الأداة‭ ‬المفضلة‭ ‬للبنوك‭ ‬المركزية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مكافحة‭ ‬التضخم،‭ ‬وذلك‭ ‬لتأثر‭ ‬الأسواق‭ ‬المالية‭ ‬وأسواق‭ ‬الأسهم،‭ ‬حيث‭ ‬يزداد‭ ‬إيداع‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬البنوك‭ ‬بينما‭ ‬يتراجع‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الاقتراض‭ ‬والاستثمار‭ ‬والإنفاق،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬بطء‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

وبحلول‭ ‬نهاية‭ ‬2023،‭ ‬يتوقّع‭ ‬ويأمل‭ ‬صندوق‭ ‬النقد‭ ‬الدولي‭ ‬بأن‭ ‬ينخفض‭ ‬التضخم‭ ‬العالمي‭ ‬إلى‭ ‬4‭.‬7‭ %‬،‭ ‬بينما‭ ‬يتوقع‭ ‬بطئًا‭ ‬في‭ ‬معدل‭ ‬النمو‭ ‬في‭ ‬الاقتصادات‭ ‬المتقدمة‭ ‬من‭ ‬2‭.‬5‭ % ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬0‭.‬5‭ % ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية،‭ ‬والتي‭ ‬تُعد‭ ‬الأسرع‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي،‭ ‬أقرّ‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬السعودي،‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬الماضي‭ ‬2022‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬للعام‭ ‬المالي‭ ‬2023،‭ ‬بفائض‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬16‭ ‬مليار‭ ‬ريال،‭ ‬حيث‭ ‬يبلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬الإنفاق‭ ‬1‭.‬114‭ ‬تريليون‭ ‬ريال،‭ ‬بينما‭ ‬قٌدرت‭ ‬الإيرادات‭ ‬بنحو‭ ‬1.130‭ ‬تريليون‭ ‬ريال‭.‬

وقد‭ ‬تراجع‭ ‬معدل‭ ‬التضخم‭ ‬السنوي‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬2‭.‬9‭ % ‬في‭ ‬شهر‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022،‭ ‬مع‭ ‬توقعات‭ ‬بانخفاض‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬معدل‭ ‬التضخم‭ ‬نظرًا‭ ‬لرؤية‭ ‬2030‭ ‬وتنفيذ‭ ‬برامج‭ ‬الإصلاحات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬وبرنامج‭ ‬الاستدامة‭ ‬المالية‭ ‬بها،‭ ‬وكذلك‭ ‬دعم‭ ‬وتشجيع‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المحلية‭ ‬والدولية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬النفط،‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تعمل‭ ‬فيه‭ ‬السعودية‭ ‬إلى‭ ‬تنوع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬النفط‭.‬

ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وفي‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬نسبة‭ ‬التضخم‭ ‬مستقرة‭ ‬عند‭ ‬3‭.‬2‭ % ‬في‭ ‬عام‭ ‬2022،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تنخفض‭ ‬النسبة‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬2‭.‬5‭ % ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭. ‬وقد‭ ‬بلغ‭ ‬الفائض‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬العامة‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬33‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬بحريني‭ ‬خلال‭ ‬النصف‭ ‬السنوي‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬مقارنة‭ ‬بتسجيل‭ ‬عجز‭ ‬قدره‭ ‬520‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2021،‭ ‬مما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬التطور‭ ‬والنمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بها‭.‬

كما‭ ‬ترجع‭ ‬تلك‭ ‬التوقعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬توفر‭ ‬عناصر‭ ‬أساسية،‭ ‬ومنها‭ ‬ثبات‭ ‬أسعار‭ ‬الطاقة‭ ‬والوقود،‭ ‬وتطبيق‭ ‬برنامج‭ ‬التوازن‭ ‬المالي،‭ ‬وزيادة‭ ‬القوى‭ ‬الشرائية‭ ‬للعملة‭ ‬البحرينية‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬وكذلك‭ ‬الرقابة‭ ‬على‭ ‬الأسواق،‭ ‬وإعفاء‭ ‬نحو‭ ‬94‭ ‬من‭ ‬السلع‭ ‬الأساسية‭ ‬والقطاعات‭ ‬الحيوية‭ ‬من‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬مثل‭ ‬التعليم‭ ‬والرعاية‭ ‬الصحية،‭ ‬مما‭ ‬يعكس‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬انتعاش‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭.‬

‭* ‬كاتبة‭ ‬اقتصادية‭ ‬ومستشارة‭ ‬تقنية‭ ‬سعودية