موسم أكل لحوم البشر

| علي جلال

مع دخول موسم الانتخابات النيابية والبلدية تطل علينا فئة تمتهن أكل لحوم البشر، فما من مرشح نيابي أو بلدي إلا ويتم الولوغ في عرضه، والنيل من سمعته، ونهش لحمه، بل ويُقصف بمختلف أسلحة الدمار الشامل اللفظية، وإن هذا الصنيع تأباه أخلاق الفرسان قبل أن يكون مرفوضا في الإسلام وأعراف الناس، ولو لم يكن في شناعته وقبحه إلا ما صوره به القرآن من أنه بمثابة أكل لحم أخيك وهو ميت، لكان كافيا وزاجرا.

يمكنك أن ترفض أداء نائب أو عضو بلدي ممن أعاد ترشحه، ويمكنك أن تنتقد أفعاله، ويمكنك عرض تجاربك معه بكل صدق، لكن لماذا الخوض في الأعراض، والتجريح الشخصي، والطعن في الذمم، والكلام على النيات؟ فلا شك أن الكثير من الناخبين منزعج من أداء الأدوار السابقة؛ حيث إنها كانت خلاف تطلعاتهم، فمن البديهي تفكيرهم في كيفية جعل التجربة القادمة أكثر فاعلية وإنتاجا.

التجربة أحد أهم وسائل التعلم، وقد وصلنا في تجربتنا الانتخابية إلى مرحلة من النضج تسمح لنا بتقييم الناس، وتزكية من يستحق، ومعاقبة من فشل في تحقيق الطموحات والأهداف المنشودة بإبعاده عن المقعد الذي يمثلك في المجلس القادم، فالأولى من الاشتغال بالقيل والقال أن تركز على اختيار الأفضل والأكفأ، زِنِ الأمورَ بشكل موضوعي، وابحث عن التكنوقراط الذي يركز على الإنجاز والتجويد، والبعيد عن أدلجة الأمور بشكل فاشل، وكن بعيدا عن الذين يمثلون على الشعب، ويقومون بأدوار كوميدية لإضحاك الناس، فيخرجون عن وظيفتهم الرقابية إلى وظيفة التسالي وتمضية الوقت، إن السعي في إيصال أفضل المترشحين واجب وطني من شأنه أن يدعم قضايانا أمام التحديات القادمة، لكن ليس بواسطة إثارة الشائعات، والقصص المكذوبة، وغيبة المترشحين، وتخريب إعلاناتهم وتكسيرها، فالدين الحنيف يأمرنا أن نكون ملتزمين بحفظ اللسان عن أذية البشر، وحفظ اليد عن ممتلكاتهم، لذا؛ إن وجدت من يطعن في المترشحين، فذكره “فإن الذكرى تنفع المؤمنين”، ولا تكن شريكًا في الطعن، واقعا في آفات اللسان ومهلكاته مهما كان المنافس أو المترشح أو النائب السابق سببا في خيبة أملك، فالجميل قادم بإذن الله، فكن من المتفائلين.