فجر جديد

الجزاء من جنس العمل

| إبراهيم النهام

في عام 2006 وأثناء زيارتي أحد الأصدقاء، لاحظت عددا من المساكن القريبة لبيته، وهي بحالة رثة، وقديمة، ومتهالكة. ثلاثة بيوت إن لم تخن الذاكرة، لفتت انتباهي من الوهلة الأولى، فقمت حينها بشكل عفوي، وقبل أن أطرق بابه، بزيارة هذه البيوت بيتاً بيتاً، مطلعاً على حالهم، وحال أولادهم. بعد زيارة لفترة تجاوزت النصف ساعة، وعدتهم بأنني سأسعى بكل ما أوتيت من قوة لكي أخدمهم، مؤكداً أن ذلك واجب علي، وليس تفضلاً، وهو ما حصل بالفعل.. ففي اليوم التالي، قمت بزيارة لنائب المنطقة في بيته، وكان من النواب المعروفين، والأقوياء، والمشهود لهم بخدمة الناس، وبعد أن جلست معه لدقائق معدودة، وشرحت له الأمر، شكرني على الزيارة غير المرتبة سلفاً، وقال بحزم “سآتي معك الآن، وليس بوقت آخر”. وبالفعل، قمنا بزيارة الأسر المتعففة، وجلسنا معهم هذه المرة مدة أطول، ورأينا مرافق البيوت، وحالتهم ومتعلقاتهم، بل وجلسنا مع الأطفال وتحاورنا معهم بشكل عفوي، عن حاجاتهم ومطالبهم وما ينقصهم، وعن أخبار المدرسة، وزملاء الصف. كانت زيارة ميدانية جميلة، ومؤلمة بذات الوقت، فالوقوف على حاجات الناس ليس أمرا هينا، والإنصات لمطالبهم هو بذات الحال. بعدها بيومين جاءني اتصال من النائب المذكور، حيث بشرني بأنه أجرى اتصالاته مع جهات عدة، وبأن العوائل في طريقها لأن تكون بحال جديد وكريم، وهو ما حدث بالفعل، ولله الحمد والمنة. خلاصة القول، في عمل الخير يجب أن يخرج المرء عن إطاره التقليدي، والروتيني، وأن لا يتقيد به، ليكون إنساناً قبل أي شيء آخر، وأن لا يتأخر عن مد يد العون للآخرين، متى ما كانوا بحاجة بها، وبأن يتذكر دوماً بأن “الجزاء من جنس العمل” ودمتم بخير.