مُلتقطات

بـ “دشداشة نومه” بين المُصلّين!

| د. جاسم المحاري

يُنقل‭ ‬عن‭ ‬نبي‭ ‬الأمة‭ ‬محمد‭ (‬ص‭) ‬أنّه‭ ‬قال‭: ‬“ما‭ ‬مِنْ‭ ‬صلاة‭ ‬يحضرُ‭ ‬وقتها‭ ‬إلا‭ ‬نادى‭ ‬ملك‭ ‬بين‭ ‬يدي‭ ‬الناس‭ ‬قوموا‭ ‬إلى‭ ‬نيرانكم‭ ‬التي‭ ‬أوقدتموها‭ ‬على‭ ‬ظهوركم؛‭ ‬فأطفئوها‭ ‬بصلواتكم”،‭ ‬بما‭ ‬يؤكد‭ ‬إيلاء‭ ‬الصلاة‭ ‬الاهتمام‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الآثار‭ ‬والأهداف‭ ‬والمواعيد‭ ‬والأسرار‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬والآخرة،‭ ‬فهي‭ ‬التي‭ ‬تَنهى‭ ‬النفس‭ ‬عن‭ ‬ارتكاب‭ ‬المنكر‭ ‬في‭ ‬الدنيا‭ ‬وتُسقط‭ ‬العقاب‭ ‬في‭ ‬الآخرة‭. ‬كيف‭ ‬لا‭ ‬وهي‭ ‬عمود‭ ‬الدين‭ ‬الذي‭ ‬فرضه‭ ‬الباري‭ ‬على‭ ‬المُكلّفين‭ ‬من‭ ‬عباده‭ ‬باعتبارها‭ ‬أوضح‭ ‬الوجوه‭ ‬لإعلان‭ ‬العبودية‭ ‬المُطلقة‭ ‬وربط‭ ‬الحياة‭ ‬بالواحد‭ ‬المُتعال‭ ‬بما‭ ‬تحظى‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬محوري‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الأخلاق‭ ‬والتربية‭ ‬والتوجيه‭ ‬والحرز‭ ‬من‭ ‬الآثام‭ ‬والمعاصي‭ ‬والقبول‭ ‬بالمصير‭ ‬في‭ ‬أقوالها‭ ‬وحركاتها‭. ‬فهي‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬البالغ‭ ‬العاقل‭ ‬من‭ ‬المسلم‭ ‬والمسلمة‭ ‬اللذين‭ ‬يتوشحان‭ ‬بزيها‭ ‬الشرعي‭ ‬الذي‭ ‬يرتديه‭ ‬الرجل‭ ‬ساتراً‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬سرّه‭ ‬وركبته،‭ ‬وللمرأة‭ ‬ما‭ ‬يستر‭ ‬كامل‭ ‬بدنها‭ ‬عدا‭ ‬وجهها‭ ‬وكفيها‭ ‬أثناء‭ ‬أداء‭ ‬الفرائض‭.‬

قد‭ ‬يبدو‭ ‬اﺳﺘﺤﺒﺎب‭ ‬إﻇﻬﺎر‭ ‬اﻟﺰﻳﻨﺔ‭ ‬للصلاة‭ ‬بعد‭ ‬وجوب‭ ‬ستر‭ ‬العورة‭ ‬فيها،‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المُحبّبة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الشرائع‭ ‬عموما‭ ‬والشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬خصوصا‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬أبسطها‭ ‬اللبس‭ ‬النظيف‭ ‬الذي‭ ‬ﻳﺘﺠﻤّﻞ‭ ‬ﺑﻪ‭ ‬بطيبِ‭ ‬المَعطر‭ ‬وجمال‭ ‬المَظهر‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬الثوب‭ ‬مع‭ ‬القبعة‭ ‬“القحفية”‭ ‬والشماغ،‭ ‬أو‭ ‬القميص‭ ‬مع‭ ‬البنطال،‭ ‬أو‭ ‬الإزار‭ ‬مع‭ ‬الرداء‭ - ‬والتّجمل‭ ‬الزاهي‭ ‬بها،‭ ‬والتّطيب‭ ‬المرشوش‭ ‬عليها،‭ ‬والتي‭ ‬يدخل‭ ‬بها‭ ‬المسلم‭ ‬على‭ ‬ربه‭ ‬لعَمَدْ‭ ‬دينه‭ ‬خمس‭ ‬مرات،‭ ‬ومَنْ‭ ‬أقامها‭ ‬فقد‭ ‬أقامَ‭ ‬الدّين‭ ‬ومَنْ‭ ‬تركها‭ ‬فقد‭ ‬هَدَمَ‭ ‬الدين،‭ ‬سعياً‭ ‬لتوثيق‭ ‬الصلة‭ ‬وتعميق‭ ‬الارتباط‭ ‬وإتمام‭ ‬الولاء‭ ‬الذي‭ ‬يُقبِلُ‭ ‬فيه‭ ‬العبد‭ ‬الفقير‭ ‬على‭ ‬سيده‭ ‬الغني‭ ‬قائماً‭ ‬وراكعاً‭ ‬وساجداً‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬في‭ ‬لحنٍ‭ ‬سماويٍ‭ ‬خالد‭ ‬مقدّسٍ،‭ ‬فيحثُّ‭ ‬فيها‭ ‬العبد‭ ‬الخُطى‭ ‬في‭ ‬سكينة‭ ‬ووقار‭ ‬وقلب‭ ‬مُتوجهٍ‭ ‬وهيئةٍ‭ ‬حسنةٍ‭ ‬مُتلازماً‭ ‬مع‭ ‬ملابس‭ ‬نظيفة‭ ‬وعطر‭ ‬فوّاح‭ ‬وتسوك‭ ‬“أراكي”‭ ‬غضّ‭ ‬طري‭.‬

نافلة‭: ‬

يُعدّ‭ ‬إحسان‭ ‬الشكل‭ ‬وأناقة‭ ‬الهيئة‭ ‬وجمال‭ ‬المظهر‭ ‬وحُسن‭ ‬المنظر‭ ‬في‭ ‬الثوب‭ ‬السّاتر‭ ‬والنعل‭ ‬النظيف‭ ‬من‭ ‬السّمات‭ ‬المُلازمة‭ ‬للعبد‭ ‬الذي‭ ‬يُحب‭ ‬الباري‭ ‬تعالى‭ ‬أنْ‭ ‬يرى‭ ‬أثر‭ ‬نعمته‭ ‬عليه‭ ‬بين‭ ‬مجاميع‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬العبادة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬الأماكن‭ ‬العامة‭ ‬ونحوها،‭ ‬والتي‭ ‬تصل‭ ‬فيها‭ ‬مظاهر‭ ‬النظافة‭ ‬والتزّين‭ ‬والتّعطر‭ ‬مداها،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تترك‭ ‬مظهراً‭ ‬من‭ ‬مظاهرها‭ ‬دون‭ ‬جمال‭ ‬في‭ ‬منظر‭ ‬أو‭ ‬رائحةِ‭ ‬في‭ ‬ملبس،‭ ‬فيكون‭ ‬للقدمين‭ ‬حقّ‭ ‬في‭ ‬الزينة‭ ‬ما‭ ‬يكونُ‭ ‬بارتداء‭ ‬النعل‭ ‬النظيف‭ ‬الذي‭ ‬يتناسق‭ ‬لون‭ ‬خفّه‭ ‬اللامع‭ ‬مع‭ ‬لون‭ ‬ثيابه‭ ‬الناصعة‭ ‬دون‭ ‬إهمالِ‭ ‬في‭ ‬المظهر‭ ‬أو‭ ‬قباحة‭ ‬في‭ ‬المنظر،‭ ‬كحال‭ ‬ذاك‭ ‬المُصلي‭ ‬الذي‭ ‬أضعفَ‭ ‬من‭ ‬هيبته‭ ‬وأصغرَ‭ ‬من‭ ‬نفسه‭ ‬بين‭ ‬المُصلّين‭ ‬حين‭ ‬انحشرُ‭ ‬بين‭ ‬الصفوف‭ ‬بـ‭ ‬“دشداشة‭ ‬نومه”‭ ‬ورائحة‭ ‬عرقه‭ ‬وبواعث‭ ‬فمه‭ ‬المُختلطة‭ ‬بمذاقات‭ ‬البصل‭ ‬والثوم‭ ‬والكراث،‭ ‬فيما‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬أحسن‭ ‬هيئة‭ ‬وأتمّ‭ ‬حال‭ ‬عندما‭ ‬يذهبُ‭ ‬إلى‭ ‬وليمةٍ‭ ‬أو‭ ‬مكان‭ ‬عمله‭!.‬