رئيس جمعية المرصد الحقوقي لـ “البلاد”: الإعداد لتحالف مع جمعيات لمراقبة الانتخابات
| إبراهيم النهام | تصوير: دعاء مهدي
على الناخبين الابتعاد عن التصويت وفقاً للأهواء الشخصية استعداداتنا للرقابة على الانتخابات تجري على قدم وساقنهتم بتنشيط الحركة البحثية بالبحرين وعلى مستوى الوطن العربي
قال رئيس جمعية المرصد لحقوق الإنسان محسن الغريري إن مؤسسات المجتمع المدني البحرينية متميزة بالاستقلالية والحياد في تكوينها وممارسة نشاطها وأدوارها، مع امتلاكها العديد من الصلاحيات والخدمات التي تقدمها مما يجعلها شريكاً حقيقياً لتقدم المجتمع.
وأشار الغريري في لقاء أجرته معه “البلاد” بأن على الناخبين الأخذ بالاعتبار شخصية المرشح وثقافته وسيرته الذاتية باعتبارها تعكس مصداقيته وقدرته على تمثيل أهالي الدائرة والدفاع عن حقوقهم، والابتعاد عن التصويت على أساس المعرفة والقرابة لضمان وصول الكفاءات.
بداية، كيف تقرأ دور المجتمع المدني في مجال حقوق الإنسان؟
تضطلع مؤسسات المجتمع المدني بدور مهم في مساندة الجهود الوطنية من خلال الرقابة والمتابعة والتطوير بما تمتلكه من خبرات وتجارب متخصصة.
وتعد البحرين من الدول الرائدة والسباقة في هذا المجال على مستوى المنطقة بتأسيس الجمعيات بمختلف المجالات والتخصصات، خصوصاً المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان حيث كان للمشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البلاد المعظم، مساهمة كبيرة في تأسيسها، إذ فتح الطريق لتصنيف جديد تكفل الدولة من خلاله حرية تكوين جمعيات متخصصة في مجال حقوق الإنسان بدءاً من العام 2001، لتصل إلى ما يقارب 10 جمعيات تستهدف نشر ثقافة حقوق الإنسان بصورة عامة، بالإضافة إلى عشرات من الجمعيات التي تختص بنوع أو حق معين من حقوق الإنسان.
وتتمتع مؤسسات المجتمع المدني بالاستقلالية والحياد في تكوينها وممارسة نشاطها وأدوارها، إذ تمتلك العديد من الصلاحيات والخدمات التي تقدمها مما يجعلها شريكاً حقيقياً لتقدم المجتمع، وقادرة على التأثير في عملية صنع القرار من خلال إعداد التقارير ورصد الملاحظات، ودراسة احتياجات المجتمع، والتعرف على التجارب الناجحة في الدول المقارنة، لتنتهي بتقديم المقترحات والتوصيات للتطوير والإصلاح وتدارك الأخطاء.
كانت لكم تجارب سابقة في الإشراف على سير الانتخابات، كيف هي استعداداتكم هذه المرة؟
لا يخفى على أحد ما للعملية الانتخابية من أهمية كبيرة لأنها تؤدي إلى إيصال ممثلي الشعب إلى قبة البرلمان ليمارسوا صلاحياتهم الدستورية والقانونية في سن التشريعات التي تنظم حقوق وحريات الأفراد والدفاع عن مصالح الوطن والمواطن، فضلاً عن ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية.
وتعد رقابة مؤسسات المجتمع المدني على الانتخابات عملاً وطنياً مهماً يحقق العديد من الأهداف، فهو يساهم في التحقق من سلامة الإجراءات الدستورية والقانونية للانتخابات ونزاهتها.
كما أن التوجه الديمقراطي يتيح إيجاد الوسائل والإجراءات التي تجعل جميع الأعمال خاضعة للرقابة بمختلف أنواعها، فضلاً عن المساهمة في نشر الثقافة والوعي القانوني والانتخابي لدى أفراد المجتمع من خلال تدريب عدد كبير من المراقبين المتطوعين بمختلف أعمارهم وتخصصاتهم على الضوابط الدستورية والقانونية لتنظيم الانتخابات، وكيفية التحقق من سلامة الإجراءات وصحتها.
أما بالنسبة لاستعداداتنا للرقابة على الانتخابات فهي جارية على قدم وساق، إذ يتم الآن الإعداد للتحالف مع عدد من الجمعيات ذات العلاقة للتعاون وتبادل الخبرات والتجارب في سبيل تطوير هذه التجربة.
كما نعمل على إعداد البرنامج التدريبي المكثف للمراقبين، ودراسة المعايير الدولية وأفضل الممارسات على مستوى العالم في هذا الخصوص، فضلاً عن تحديد محاور التقرير الذي سيتم إصداره ليكون مرجعاً تاريخياً يوثق جميع مراحل العملية الانتخابية وإجراءاتها، ويرصد جميع الجوانب التي تدخل في نطاق عملية الرقابة والمتابعة، ويتضمن التوصيات والملاحظات التي سترفع للجهات المعنية بهدف التطوير للأفضل.
للبحث العلمي في مجال القانون أهمية كبيرة، كيف يمكن تفعيله واستفادة المجتمع منه؟
البحث العلمي من الأهداف السامية التي تسعى الدول إلى تحقيقها لما يترتب عليها من آثار في اتخاذ القرارات وإصدار التشريعات والإجراءات بشكل متأنٍّ ومدروس.
ونتيجة لذلك نسعى إلى تفعيله في جمعية المرصد لحقوق الإنسان بهدف تنشيط الحركة البحثية في مملكة البحرين وعلى مستوى الوطن العربي، إذ تم تنظيم ندوتين في هذا الخصوص بمشاركة مجموعة من الباحثين ومسؤولي البحث العلمي والجامعات ومراكز الأبحاث لمناقشة الواقع والتحديات وأبرز الملاحظات والتوصيات التي يمكن من خلالها تطوير البحث العلمي وتفعيله.
وانتهت هاتان الندوتان إلى عدد من التوصيات أهمها إنشاء منصة إلكترونية بحرينية تتضمن قاعدة بيانات وإحصائيات تتعلق بجميع القطاعات، ونشر الأبحاث والرسائل الجامعية كاملة في المواقع الإلكترونية لتعم الاستفادة لجميع الباحثين، إضافةً إلى زيادة عدد المجلات العلمية المتخصصة وتشجيع الباحثين على المشاركة فيها.
وتأسيساً على ذلك، فقد تم تشكيل لجنة مختصة لإعداد الدراسات والبحوث القانونية والحقوقية، وتوثيق الصلة والتعاون مع المراكز البحثية والأكاديمية على المستوى الإقليمي، واستقطاب الباحثين لنشر أبحاثهم وإيصال توصياتهم للجهات المعنية.
كما عملنا جاهدين على إصدار مجلة “الحقوقية” إيماناً بأهمية البحث العلمي ودوره في نشر ثقافة حقوق الإنسان والقانون، وذلك لمناقشة آخر المستجدات القانونية والحقوقية والمساهمة في إثراء الفكر وإمداد الباحثين بالأبحاث والمقالات العلمية على مستوى الوطن العربي، وتعد هذه المجلة من أوائل المجلات العلمية المتخصصة الصادرة عن مؤسسات المجتمع المدني في المنطقة، حيث يتم إصدار عدد كل 6 أشهر، وتحظى بمتابعة وإشادة من العديد من الجهات الرسمية والجامعات والشخصيات المتخصصة لما تحتويه من جهود بحثية نوعية قامت على أصول علمية.
وكملخص لأبرز إنجازات مجلة “الحقوقية”، فقد تم إصدار 3 أعداد حتى الآن كان آخرها العدد الذي تم تخصيصه لجميع ما يتعلق بالعملية الانتخابية وإجراءاتها وضماناتها بالتزامن مع الانتخابات النيابية والبلدية المزمع انعقادها هذا العام في مملكة البحرين.
كما تضمنت 13 دراسة محكمة، 20 مقالاً علمياً، حوار مع 4 شخصيات بحرينية قانونية، ترجمة 5 مقالات وأبحاث أجنبية، التعريف بالسيرة الذاتية لخمس شخصيات قانونية وحقوقية في البحرين، وملخص تعريفي عن كتابين متخصصين.
كيف تقيّم واقع حقوق الإنسان في البحرين؟
ساهم المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المعظم، وبشهادة الجميع دولياً ومحلياً، في تطوير وحماية وتعزيز حقوق الإنسان من خلال إيجاد منظومة تشريعية متقدمة في مختلف المجالات والأصعدة، حيث تم استكمال بناء مؤسسات الدولة، وعلى وجه الخصوص المؤسسات المعنية بالمحاسبة والمساءلة لضمان خضوع الجميع لأحكام القانون، وهذا ما مكّن المملكة من تحقيق المكانة المرموقة والإنجازات الدولية، والإشادة للعديد من الجهود المبذولة.
إن النظرة الموضوعية لمسيرة مملكة البحرين في مجال حقوق الإنسان تؤكد أن هذا الموضوع من أولى الأولويات التي تزداد نضجاً مع مرور الوقت في ظل تراكم الخبرات والتجارب، والاستناد إلى أسس تاريخية باعتبارها من أكثر الدول انفتاحاً وقبولاً للآخرين، فضلاً عما يميز أهلها من وعي وثقافة وتكاتف للحفاظ على المكتسبات، وبما يجعلها نموذجاً يحتذى به على مستوى دول العالم.
ما دور جمعية المرصد لحقوق الإنسان في إعداد الكوادر المتخصصة في مجال القانون وحقوق الإنسان؟
جمعية المرصد لحقوق الإنسان إحدى المنظمات الأهلية غير الحكومية المستقلة التي تأسست عام 2011، وتعمل على تحقيق العديد من الأهداف أهمها نشر ثقافة حقوق الإنسان وترسيخ قيم الديمقراطية والمواطنة والمساهمة في تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ونتيجة لذلك فقد عملنا خلال العامين الماضيين على إعداد البرامج التدريبية المكثفة لإعداد وتطوير الكوادر البحرينية المتخصصة نظراً لاحتياج المملكة لهذا التخصص، فدرّبنا أكثر من 3 آلاف شخص من خلال العديد من البرامج والمحاضرات كان من أبرزها برنامج قيادات من أجل حقوق الإنسان، إضافةً إلى إطلاق برنامج خاص لتوعية المنظمات الأهلية بدورها في حماية حقوق وحريات الأفراد في مجال تخصصها، وتنظيم الندوات والجلسات التي تستهدف بحث إحدى المواضيع الحقوقية النقاشية للوصول إلى توصيات ومقترحات لتطوير الواقع.
كما نسعى إلى تفعيل دور الدبلوماسية الحقوقية لمؤسسات المجتمع المدني، والاستفادة بما تتمتع به من ثقل وحياد واستقلالية تجعلها محلاً للثقة، إذ نعمل على تعزيز التعاون مع العديد من المنظمات الإقليمية والدولية.
كما عملنا أخيراً على توسيع نطاق عملنا من خلال المشاركة بشكل فاعل في الفعاليات والبرامج، وعقد اللقاءات، وتوقيع مذكرة التفاهم مع عدد من الجامعات ومراكز الأبحاث والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان والتي تساعد على تطوير قدرات ومهارات الباحثين البحرينيين والاستفادة من الخبرات الدولية من جهة، فضلاً عن التعريف بالمنجزات الوطنية لمملكة البحرين وبيان الواقع بشكل علمي مبني على التقارير والإحصائيات، وبعيداً عن التسييس الذي يضر بسمعة العمل الحقوقي ومكانته ولا يراعي الحقائق والمنجزات.
ما توقعاتك للانتخابات القادمة وكيفية حسن اختيار المرشح الأفضل؟
الانتخابات هي أحد حقوق الإنسان التي تستطيع الشعوب من خلالها التعبير عن إرادتها واختيار ممثليها، فهي إحدى وسائل المشاركة والتأثير في عملية صنع القرار وإدارة الشؤون العامة في الدولة.
إن مرور 20 عاماً على عودة الحياة النيابية في مملكة البحرين بلا شك جعلت المواطن أكثر وعياً بحقوقه وواجباته، حيث ساهم وجود العديد من المؤسسات الرسمية المعنية، واهتمام الصحف المحلية والرأي العام بنشر الثقافة الانتخابية وزيادة اهتمام المواطنين وتشجيعهم على المشاركة الفاعلة التي تعبر عن الوجه الحضاري والمشرق لمملكة البحرين، والدليل على ذلك ما نشهده في الآونة الأخيرة من إعلان عدد كبير من الأفراد رغبتهم في الترشح لعضوية مجلس النواب والمجالس البلدية.
ومع ذلك فإن الكرة الآن في ملعب الناخبين لاختيار المرشح الأفضل، إذ يتحتم عليهم التعرف على المعايير الصحيحة للاختيار، فمن المهم الأخذ بالاعتبار شخصية المرشح وثقافته وسيرته الذاتية باعتبارها تعكس مصداقيته وقدرته على تمثيل أهالي الدائرة والدفاع عن حقوقهم على أكمل وجه، والابتعاد عن الأهواء الشخصية والتصويت على أساس المعرفة والقرابة لضمان وصول الأكفأ وتحقيق التطلعات.