سوالف

“لو كان ودهم منعوا عنا حتى الدواء”

| أسامة الماجد

في الواقع لقد ظهرت في مجتمعنا خلال الأعوام القليلة الماضية أصوات تحارب الثقافة والفكر والأدب، وتجهد نفسها كثيرا لإبعاد المثقف عن المشهد العام، ولا تتطرق إلى نشاطه وأخباره، وتفعل ما بوسعها وبطرائق كثيرة لإطباق الكماشة عليه وجعله في حكم المقضي عليه، ومن بينهم نواب يستحقون أن يحفظ لنا التاريخ أسماءهم، لأنهم يحاولون دائما أن يجعلوا كل سطر وكل صورة للأديب في أية مجلة أو جريدة مادة للسخرية والاستهزاء بالمعنى العريض الواسع للكلمة. إن هذا الهراء الوقح والأحمق تجاه الثقافة والفكر والأدب ينهك الجسم ويؤثر على العقل، حتى أن الأديب والفنان أدمن السخرية منه والتجاهل في مشهد مهين لكرامة الإنسان، ولا أريد أن أنزل الستائر وأكشف عن أنماط النظرات الكريهة التي يتعرض لها الأديب والفنان من قبل “الشياطين” وخبراء الأبحاث ومن يدعون أنهم رجال متقدمون. يقول توفيق الحكيم: “إنني لا أطيق أحدا يحقر الأفكار والكلمات، إن الكلمات هي التي شيدت العالم، الكلمات الصادقة والأفكار العالية والمبادئ العظيمة هي وحدها التي قادت الإنسان في كل أطوار وجوده، وبنت الأمم والشعوب في كل مراحل تاريخها.. ما من حركة وطنية أو قومية أو إنسانية قامت أول أمرها على شيء غير المبادئ والكلمات.. الأدب هو ذلك الشيء الذي يتصل اتصالا مباشرا بالجوهر الثابت في كيان الإنسان”. قال لي.. إنهم يقولون، ماذا يقولون.. دعهم يقولون، لقد قيلت أشياء كثيرة عنا لا نستحقها، أخذناها في أول الأمر بحسن نية، وبعدها انتهى كل شيء وفقدنا الأمل والعزاء، فهناك من يريد لنا الشقاء والفناء ومنهم “نواب لو كان ودهم منعوا عنا حتى الدواء” وتركونا لهذه الحياة القلقة المنغصة. هل تعلمون.. كانت في اسبانيا عادة تقضي بمحاكمة الجلاد بعد كل عملية ينفذها، فيقدم إلى محكمة خاصة ويوجه إليه القاضي تهمة ارتكاب جريمة قتل النفس، فليت عندنا على الأقل قانونا يدين كل من يسخر ويستهزئ بالأدب والفن.