ستة على ستة

التربية الإعلامية

| عطا السيد الشعراوي

من‭ ‬أجل‭ ‬تربية‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬التجديد‭ ‬الوطني،‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مقاومة‭ ‬غزو‭ ‬الثقافة‭ ‬المخلة‭ ‬بالآداب‭ ‬العامة،‭ ‬هي‭ ‬كلمات‭ ‬قرأتها‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬وكالة‭ ‬أنباء‭ ‬شينخوا‭ ‬الصينية‭ ‬معبرة‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬إعلامي‭ ‬يعج‭ ‬بمظاهر‭ ‬الفوضى‭ ‬وعدم‭ ‬الانضباط،‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬باتت‭ ‬شبه‭ ‬عامة‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬حيث‭ ‬يخرج‭ ‬علينا‭ ‬بين‭ ‬حين‭ ‬وآخر‭ ‬مشاهير‭ ‬ومؤثرون‭ ‬على‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بتصريحات‭ ‬أو‭ ‬سلوكيات‭ ‬أو‭ ‬ملابس‭ ‬بعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬ثقافة‭ ‬المجتمع‭ ‬والسلوك‭ ‬المحتشم‭ ‬والأخلاق‭ ‬السوية،‭ ‬قاصدين‭ ‬بذلك‭ ‬جذب‭ ‬الانتباه‭ ‬وتحقيق‭ ‬أعلى‭ ‬المشاهدات‭ ‬والمتابعات،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أعلى‭ ‬الأرباح‭ ‬والمكاسب،‭ ‬رافعين‭ ‬شعار‭ ‬“المال‭ ‬قبل‭ ‬الأخلاق”‭.‬

أداتان‭ ‬رئيسيتان‭ ‬للتصدي‭ ‬لهذا‭ ‬الواقع‭ ‬السيء،‭ ‬الأولى‭ ‬رقابية‭ ‬وعقابية‭ ‬بيد‭ ‬السلطات‭ ‬الرسمية‭ ‬والجهات‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬الإعلام،‭ ‬بمنع‭ ‬ظهور‭ ‬الشخصيات‭ ‬التي‭ ‬يحمل‭ ‬ظهورها‭ ‬ضررًا‭ ‬على‭ ‬المشاهد،‭ ‬ومحاسبة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يقدم‭ ‬محتوى‭ ‬إعلاميا‭ ‬لا‭ ‬يستقيم‭ ‬مع‭ ‬قيم‭ ‬وأخلاقيات‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬شكله‭ ‬أو‭ ‬مضمونه،‭ ‬ولاسيما‭ ‬مع‭ ‬تعدد‭ ‬قنوات‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الرأي‭ ‬بمواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬المختلفة‭ ‬والمتنوعة،‭ ‬والتي‭ ‬أضحت‭ ‬مصدرًا‭ ‬للتكسب‭ ‬ومنبرًا‭ ‬للهجوم‭ ‬دون‭ ‬ضابط‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬مقدسًا،‭ ‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬يأتي‭ ‬الهجوم‭ ‬من‭ ‬أشخاص‭ ‬لا‭ ‬يتمتعون‭ ‬بأية‭ ‬مؤهلات‭ ‬علمية‭ ‬أو‭ ‬ثقافة‭ ‬معتبرة،‭ ‬فالمهم‭ ‬لديهم‭ ‬هو‭ ‬الإتيان‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬غريب،‭ ‬والتسابق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬“شاذ”‭ ‬ليتحقق‭ ‬لهم‭ ‬الانتشار،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬الأشخاص‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يتبرأون‭ ‬من‭ ‬أقوالهم‭ ‬وأفعالهم‭ ‬عندما‭ ‬يكونون‭ ‬محلا‭ ‬للمحاسبة،‭ ‬ويلجأون‭ ‬إلى‭ ‬الاعتذار‭ ‬“المتخفي”‭ ‬عن‭ ‬آرائهم‭ ‬وسلوكياتهم،‭ ‬لكن‭ ‬للأسف‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قد‭ ‬أحدثت‭ ‬تأثيرها‭ ‬السيء‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭.‬

الأداة‭ ‬الثانية‭ ‬هي‭ ‬الأداة‭ ‬التوعوية،‭ ‬وتتوزع‭ ‬بين‭ ‬جهات‭ ‬وأطراف‭ ‬عدة‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات،‭ ‬بتوعية‭ ‬الأبناء‭ ‬في‭ ‬الاختيار‭ ‬والمتابعة،‭ ‬ووجود‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬المراقبة‭ ‬على‭ ‬الأبناء‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكونوا‭ ‬أسرى‭ ‬لهؤلاء‭ ‬المشاهير‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يتورعون‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬محتويات‭ ‬فاسدة،‭ ‬أو‭ ‬الظهور‭ ‬بمظهر‭ ‬غير‭ ‬لائق‭ ‬ويكونون‭ ‬بذلك‭ ‬قدوة‭ ‬سيئة‭. ‬

ثم‭ ‬يأتي‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬دور‭ ‬الأكاديميين‭ ‬وخبراء‭ ‬الإعلام‭ ‬ورجال‭ ‬القانون‭ ‬ورجال‭ ‬الدين‭ ‬للتعريف‭ ‬بأخلاقيات‭ ‬الإعلام‭ ‬وأسسه‭ ‬ومبادئه‭ ‬الصحيحة‭ ‬ومخاطر‭ ‬الانحراف‭ ‬عن‭ ‬رسالته‭ ‬وعن‭ ‬أبعاده‭ ‬وضوابطه‭.‬