حتى الآن .. أمان

| د. عبدالله الحواج

نقترب‭ ‬من‭ ‬عاشوراء،‭ ‬ومازلنا‭ ‬عند‭ ‬اللون‭ ‬الأصفر‭ ‬نحترز،‭ ‬ونتباعد،‭ ‬ومازلنا‭ ‬وفقًا‭ ‬لبروتوكول‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني،‭ ‬ووصايا‭ ‬اللجنة‭ ‬التنسيقية‭ ‬برئاسة‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬عند‭ ‬الأرقام‭ ‬المفرحة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬أعداد‭ ‬الإصابات‭ ‬أو‭ ‬الوفيات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مستويات‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬المتقدمة‭.‬

رغم‭ ‬ذلك‭ ‬لاحظنا‭ ‬أن‭ ‬الإصابات‭ ‬في‭ ‬تزايد‭ ‬طفيف،‭ ‬وأن‭ ‬الأعداد‭ ‬ارتفعت‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الثلاثاء‭ ‬والأربعاء‭ ‬الماضيين‭ ‬بنسبة‭ ‬60‭ % ‬تقريبًا‭ ‬من‭ ‬101‭ ‬إصابة‭ ‬إلى‭ ‬166‭ ‬إصابة‭.‬

صحيح‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬وفيات،‭ ‬وصحيح‭ ‬أن‭ ‬الذين‭ ‬يشغلون‭ ‬مواقع‭ ‬العناية‭ ‬المركزة‭ ‬لا‭ ‬يزيدون‭ ‬على‭ ‬الخمسة‭ ‬مرضى‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانوا‭ ‬بالمئات،‭ ‬لكن‭ ‬الصحيح‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬مضاعفة‭ ‬الاحتراز‭ ‬واجب‭ ‬وأن‭ ‬التباعد‭ ‬نظام‭ ‬حياة،‭ ‬وارتداء‭ ‬الكمامات‭ ‬فرض‭ ‬عين‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬تداعيات‭ ‬الجائحة‭ ‬في‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬تحت‭ ‬السيطرة،‭ ‬والناس‭ ‬جميعها‭ ‬تعيش‭ ‬الوباء‭ ‬وكلها‭ ‬إيمان‭ ‬بالله‭ ‬وبالوطن،‭ ‬بالمواجهة‭ ‬والتكاتف،‭ ‬باحترام‭ ‬النظام‭ ‬والالتزام‭ ‬بتقاليد‭ ‬المرحلة،‭ ‬لكن‭ ‬الصحيح‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬الضبط‭ ‬والربط‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬يمتد‭ ‬على‭ ‬استقامته‭ ‬ليلحق‭ ‬بأيام‭ ‬عاشوراء‭ ‬المباركة،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬التحوط‭ ‬واجب‭ ‬مقدس‭ ‬مثلما‭ ‬هي‭ ‬شعائر‭ ‬مُحرم،‭ ‬وأن‭ ‬يتفق‭ ‬المجتمع‭ ‬المتحاب‭ ‬على‭ ‬صون‭ ‬أمانة‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬الإنسان‭ ‬ورعاية‭ ‬متطلباته‭ ‬وحاجاته‭.‬

أرقام‭ ‬وتوصيات‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬القلق،‭ ‬بل‭ ‬وعلى‭ ‬الرعب،‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬قلائل‭ ‬أعلنت‭ ‬عن‭ ‬ظهور‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ‭ ‬“متحور‭ ‬المتحور”‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬دلتا‭ ‬وأخواتها،‭ ‬وكشفت‭ ‬المنظمة‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القادم‭ ‬الفتاك‭ ‬ينتشر‭ ‬حتى‭ ‬اللحظة‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬دولة،‭ ‬وأن‭ ‬آثاره‭ ‬وصولاته‭ ‬وجولاته‭ ‬أشد‭ ‬بطشًا‭ ‬من‭ ‬الأنواع‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬اعتدنا‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬معها‭ ‬منذ‭ ‬هجمة‭ ‬الجائحة‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬2020‭. ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬متحور‭ ‬المتحور‭ ‬هو‭ ‬ناتج‭ ‬من‭ ‬خلطة‭ ‬سحرية‭ ‬سرية‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬أنواع‭ ‬وسلالات‭ ‬دلتا‭ ‬منذ‭ ‬نشأتها‭ ‬في‭ ‬الهند،‭ ‬ويقولون‭ ‬إن‭ ‬انتشار‭ ‬هذا‭ ‬الكائن‭ ‬الجامح‭ ‬أشد‭ ‬بأسًا‭ ‬وضراوة‭ ‬من‭ ‬دلتا‭ ‬وألفا‭ ‬وبيتا‭ ‬وجاما‭ ‬وما‭ ‬بينهم،‭ ‬ويقولون‭ ‬إن‭ ‬اللقاحات‭ ‬جميعها‭ ‬لم‭ ‬تثبت‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬كل‭ ‬الأنواع‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭ ‬رغم‭ ‬كونها‭ ‬هي‭ ‬الطريق‭ ‬الوحيد‭ ‬المتاح‭ ‬أمام‭ ‬الإنسانية‭ ‬للجم‭ ‬كورونا‭ ‬وعائلاته‭ ‬المتغطرسة‭.‬

بالتأكيد‭ ‬إن‭ ‬اللقاح‭ ‬وقاية،‭ ‬والوقاية‭ ‬خير‭ ‬ألف‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬علاجات‭ ‬ليست‭ ‬موجودة‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬هناك‭ ‬لحظة‭ ‬سوف‭ ‬ينجر‭ ‬فيها‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬ثورة‭ ‬على‭ ‬العلاجات‭ ‬المتاحة،‭ ‬إلى‭ ‬غطرسة‭ ‬مضادة‭ ‬لغطرسة‭ ‬كورونا،‭ ‬إلى‭ ‬صدمة‭ ‬من‭ ‬العيار‭ ‬الثقيل‭ ‬لا‭ ‬يفيق‭ ‬منها‭ ‬الفيروس‭ ‬اللعين‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬ذكرى‭ ‬أليمة‭ ‬بعد‭ ‬زوال‭.‬

واجبنا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬دائمًا‭ ‬في‭ ‬المقدمة،‭ ‬أن‭ ‬ننتبه‭ ‬كمجتمع‭ ‬واعٍ‭ ‬إلى‭ ‬مخاطر‭ ‬القادم‭ ‬الجديد،‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬تتنبأ‭ ‬بغزوة‭ ‬“متحور‭ ‬المتحور”‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر،‭ ‬ليهدد‭ ‬دول‭ ‬شرق‭ ‬أوسطية‭ ‬بعينها،‭ ‬ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬هو‭ ‬شهر‭ ‬المدارس‭ ‬والجامعات،‭ ‬وهو‭ ‬الشهر‭ ‬الذي‭ ‬تنتعش‭ ‬فيه‭ ‬الأسواق‭ ‬والمجمعات‭ ‬والتجارة‭ ‬العابرة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬والمجتمعات،‭ ‬من‭ ‬هنا‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬نكون‭ ‬على‭ ‬قلب‭ ‬رجل‭ ‬واحد،‭ ‬يدنا‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الفريق‭ ‬الوطني،‭ ‬وفي‭ ‬يد‭ ‬قيادتنا‭ ‬الحكيمة،‭ ‬وجهًا‭ ‬لوجه‭ ‬أمام‭ ‬الجائحة،‭ ‬صامدون‭ ‬بإرادتنا‭ ‬وإرادة‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬قبلنا،‭ ‬رافعون‭ ‬شعار‭ ‬الوطن‭ ‬للجميع،‭ ‬والمواطن‭ ‬هو‭ ‬حصنه‭ ‬الحصين‭.‬

لقد‭ ‬نجحنا‭ ‬بجدارة‭ ‬في‭ ‬كبح‭ ‬جماح‭ ‬الجائحة‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬ونصف‭ ‬السنة،‭ ‬وتفوقنا‭ ‬على‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬تعميم‭ ‬الفحوصات‭ ‬واللقاحات‭ ‬مجانًا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأرض‭ ‬الطيبة‭.‬

أصبحت‭ ‬مناعة‭ ‬شعبنا‭ ‬هي‭ ‬الأفضل،‭ ‬وبروتوكولات‭ ‬حكماء‭ ‬أطبائنا‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬نفعًا‭ ‬ومردودًا‭ ‬على‭ ‬الصحة‭ ‬والبيئة‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬ونحمد‭ ‬الله‭ ‬ونشكر‭ ‬فضله،‭ ‬أن‭ ‬حكومتنا‭ ‬الرشيدة‭ ‬وكتائبها‭ ‬البيضاء،‭ ‬وشعبنا‭ ‬الواعي‭ ‬القدير،‭ ‬سوف‭ ‬يواجهون‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬وأكتوبر‭ ‬وكل‭ ‬الشهور،‭ ‬وسوف‭ ‬نكون‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬المسئولية،‭ ‬وبحجم‭ ‬الحدث،‭ ‬تحور‭ ‬المتحور‭ ‬أم‭ ‬لم‭ ‬يتحور،‭ ‬تخطى‭ ‬حدودنا‭ ‬أم‭ ‬لم‭ ‬يتخطها،‭ ‬كان‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عون‭ ‬عباده‭ ‬الأشداء،‭ ‬طالما‭ ‬كان‭ ‬العبد‭ ‬في‭ ‬عون‭ ‬أخيه،‭ ‬والله‭ ‬الموفق‭ ‬والمستعان‭.‬