لمحات

عودة هنيدي

| د.علي الصايغ

يعود‭ ‬الفنان‭ ‬محمد‭ ‬هنيدي‭ ‬بفيلم‭ ‬“الإنس‭ ‬والنمس”‭ ‬بعد‭ ‬انقطاع‭ ‬لعدة‭ ‬سنوات‭ ‬عن‭ ‬السينما،‭ ‬ولم‭ ‬يتعد‭ ‬الفيلم‭ ‬الأجواء‭ ‬العامة‭ ‬والمألوفة‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬أفلام‭ ‬هنيدي‭ ‬قاطبة،‭ ‬إلا‭ ‬بالاستخدام‭ ‬المبالغ‭ ‬فيه‭ ‬جداً‭ ‬للمؤثرات‭ ‬البصرية‭ ‬والصور‭ ‬المتحركة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬شكل‭ ‬أحد‭ ‬سلبيات‭ ‬العمل،‭ ‬رغم‭ ‬ضرورة‭ ‬توظيف‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭ ‬في‭ ‬أعمالنا‭ ‬العربية‭ ‬حتى‭ ‬نواكب‭ ‬التطور‭ ‬السينمائي‭ ‬العالمي‭ ‬الحاصل،‭ ‬وطبيعة‭ ‬العمل‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تتطلب‭ ‬ذلك‭.‬

ولم‭ ‬تغب‭ ‬عن‭ ‬الفيلم‭ ‬الشخصية‭ ‬الخليجية‭ ‬المعتادة‭ ‬التي‭ ‬رأيناها‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬سابقة،‭ ‬وتم‭ ‬استخدامها‭ ‬وتوظيفها‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬هنيدي‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬مثل‭ ‬فيلم‭ ‬“عندليب‭ ‬الدقي”،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬أوكلها‭ ‬لممثل‭ ‬آخر‭ ‬“شريف‭ ‬دسوقي”،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬هنيدي‭ ‬أكثر‭ ‬الممثلين‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الخليجيين‭ ‬الذين‭ ‬يقلدون‭ ‬الشخصيات‭ ‬الخليجية‭ ‬في‭ ‬أعمالهم‭ ‬ونضحك‭ ‬معهم،‭ ‬ونستمتع‭ ‬بمشاهدة‭ ‬هذه‭ ‬الشخصيات؛‭ ‬لأنه‭ ‬يجرنا‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬الكوميديا‭ ‬الصادقة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعلنا‭ ‬لا‭ ‬ننظر‭ ‬أبداً‭ ‬أو‭ ‬نتأمل‭ ‬تفاصيل‭ ‬الشخصية‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬واقعية‭ ‬أو‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك،‭ ‬بل‭ ‬نتفاعل‭ ‬معها‭ ‬بالقدر‭ ‬الكوميدي‭ ‬الذي‭ ‬يقدمه‭ ‬من‭ ‬خلالها‭.‬

يأتي‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬بالكوميديا‭ ‬التي‭ ‬نفتقدها‭ ‬كثيراً‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬ورغم‭ ‬بساطة‭ ‬السيناريو،‭ ‬والحبكة‭ ‬الدرامية‭ ‬العادية،‭ ‬والمعالجات‭ ‬المألوفة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬جرعات‭ ‬الكوميديا،‭ ‬ولو‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬بالقدر‭ ‬الذي‭ ‬نطمح‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬هنيدي،‭ ‬قد‭ ‬حققت‭ ‬مرادها‭ ‬بحضوره‭ ‬الطاغي‭. ‬إشكالية‭ ‬أخرى،‭ ‬وهي‭ ‬تكرار‭ ‬ذات‭ ‬العلة‭ ‬أو‭ ‬العقدة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الواحد،‭ ‬ومحاولة‭ ‬التمطيط‭ ‬بواسطتها‭ ‬لكسب‭ ‬مشاهد‭ ‬كوميدية‭ ‬إضافية؛‭ ‬إذ‭ ‬يجر‭ ‬ذلك‭ ‬العمل‭ ‬إلى‭ ‬الرتابة‭ ‬والملل‭ ‬ووهن‭ ‬المحتوى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬أن‭ ‬يطوف‭ ‬على‭ ‬نجم‭ ‬كبير‭ ‬مثل‭ ‬هنيدي،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬أن‭ ‬حضور‭ ‬بعض‭ ‬الفنانين‭ ‬وأبرزهم‭ ‬“بيومي‭ ‬فؤاد”‭ ‬كان‭ ‬متواضعاً،‭ ‬ولم‭ ‬يستغل‭ ‬هنيدي‭ ‬الطاقة‭ ‬الإبداعية‭ ‬والعفوية‭ ‬الكوميدية‭ ‬والقبول‭ ‬الجماهيري‭ ‬الذي‭ ‬يحظى‭ ‬به‭ ‬فؤاد،‭ ‬بتكليفه‭ ‬بدور‭ ‬أكثر‭ ‬رصانة‭ ‬ومساحة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يستحقه‭ ‬بجدارة‭.‬

على‭ ‬كل،‭ ‬يبقى‭ ‬الفيلم‭ ‬الكوميدي‭ ‬هذه‭ ‬الأيام‭ ‬متنفسا‭ ‬مطلوبا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬السيئة‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬العالم،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الجائحة‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬حجة‭ ‬مقنعة‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬لتقديم‭ ‬أعمال‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬مستوى‭ ‬طموحنا‭ ‬كجماهير‭ ‬لنجوم‭ ‬محبوبين‭.‬