الأمن السيبراني (سايبر سكيورتي)

| د. عبدالقادر ورسمه

مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تعتبر‭ ‬مركزا‭ ‬اقتصاديا‭ ‬مرموقا،‭ ‬ولذا‭ ‬نجد‭ ‬فيها‭ ‬الشركات‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬حدب‭ ‬وصوب‭. ‬وهذه‭ ‬الشركات‭ ‬والأموال‭ ‬الأجنبية،‭ ‬لا‭ ‬تأتي‭ ‬إلا‭ ‬لمكان‭ ‬آمن‭ ‬ومشجع‭ ‬للعمل‭ ‬والاستثمار‭. ‬والأمن‭ ‬متوافر‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬بكل‭ ‬مستوياته‭ ‬وهذا‭ ‬يشمل‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭. ‬ولقد‭ ‬ظهرت‭ ‬مشاكل‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬مع‭ ‬الطفرة‭ ‬التقنية‭ ‬التي‭ ‬أتت‭ ‬بما‭ ‬لها‭ ‬وما‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬إيجابيات‭ ‬عديدة‭ ‬وبعض‭ ‬السلبيات‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬الجرائم‭ ‬السيبرانية‭ ‬الالكترونية‭. ‬إن‭ ‬القوانين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬الخاصة‭ ‬بمكافحة‭ ‬الجرائم‭ ‬الالكترونية‭ ‬حديثة‭ ‬ومتطورة‭ ‬وتتماشى‭ ‬مع‭ ‬أعلى‭ ‬الضوابط‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬يطالب‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية،‭ ‬خصوصا‭ ‬وأن‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬تنتقل‭ ‬بسرعة‭ ‬من‭ ‬مكان‭ ‬لآخر،‭ ‬و”تدخل‭ ‬الماء‭ ‬وتتسرب‭ ‬من‭ ‬المكان‭ ‬المهيأ”‭. ‬كما‭ ‬ذكرنا،‭ ‬القوانين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬متطورة‭ ‬وفاعلة‭ ‬وفق‭ ‬أعلى‭ ‬المقاييس‭ ‬المطلوبة،‭ ‬ولكن‭ ‬القوانين‭ ‬وحدها‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬للمكافحة‭ ‬خصوصا‭ ‬الجرائم‭ ‬الالكترونية‭. ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬تأتي‭ ‬أهمية‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬السالبة‭ ‬لهذه‭ ‬الجرائم‭ ‬الخطيرة‭. ‬ومما‭ ‬يجعل‭ ‬المهمة‭ ‬شاقة،‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬الآن‭ ‬ودون‭ ‬فرز‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الأجهزة‭ ‬الالكترونية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وغير‭ ‬العمل،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬لا‭ ‬فكاك‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬التقنية‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت‭ ‬أو‭ ‬الموبايل‭ ‬أو‭ ‬خلافه‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬والدقيقة‭. ‬

إن‭ ‬مسؤولية‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬في‭ ‬نظرنا‭ ‬ونظر‭ ‬المختصين‭ ‬الفنيين،‭ ‬تعتبر‭ ‬مسؤولية‭ ‬شخصية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحملها‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬بنفسه‭. ‬ولذا،‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬بنفسه‭ ‬لتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬لشخصه‭ ‬ولجميع‭ ‬أعماله‭. ‬بمعنى‭ ‬آخر،‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬أن‭ ‬يتقمص‭ ‬شخصية‭ ‬“رجل‭ ‬الأمن”‭ ‬في‭ ‬مراقبة‭ ‬أعماله‭ ‬وأمور‭ ‬حياته‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬السد‭ ‬المنيع‭ ‬لحماية‭ ‬نفسه‭ ‬تقنيا‭ ‬من‭ ‬المجرم‭ ‬السيبراني‭ ‬المتدثر‭ ‬بطاقية‭ ‬الإخفاء‭ ‬والذي‭ ‬يظل‭ ‬يتلصص‭ ‬ويتجسس‭ ‬حتى‭ ‬يجد‭ ‬الفرصة‭ ‬للاختراق‭ ‬لإتمام‭ ‬جريمته‭ ‬النكراء‭. ‬إن‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭ ‬السيبرانية‭ ‬تسبب‭ ‬أضرارا‭ ‬مالية‭ ‬لا‭ ‬حصر‭ ‬لها‭ ‬للدول‭ ‬والشركات‭ ‬وحتى‭ ‬للأفراد،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬متسارع‭ ‬ودون‭ ‬رحمة‭ ‬وهذا‭ ‬يشكل‭ ‬هاجسا‭ ‬لكل‭ ‬المجتمعات‭ ‬ولكل‭ ‬شخص،‭ ‬مما‭ ‬يتطلب‭ ‬الوقوف‭ ‬وقفة‭ ‬حازمة‭ ‬قوية‭ ‬في‭ ‬وجهها‭. ‬وأيضا‭ ‬الجرائم‭ ‬السيبرانية‭ ‬تعيق‭ ‬تقدم‭ ‬الدول‭ ‬وتعيق‭ ‬تنفيذ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬الهامة‭ ‬للمجتمع‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬تعديل‭ ‬المعلومات‭ ‬أو‭ ‬إجهاض‭ ‬وصولها‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬المناسب‭. ‬والمطلوب‭ ‬من‭ ‬الحكومات‭ ‬القيام‭ ‬بدورها،‭ ‬وتشجيع‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬بذل‭ ‬الأموال‭ ‬والدراسات‭ ‬والبحوث‭ ‬وتوظيف‭ ‬الكفاءات‭ ‬الفنية‭ ‬المقتدرة‭ ‬لوضع‭ ‬البرامج‭ ‬المتطورة‭ ‬لتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭. ‬نقول‭ ‬هذا،‭ ‬لأن‭ ‬المجرم‭ ‬السيبراني‭ ‬يعتبر‭ ‬من‭ ‬أذكى‭ ‬المجرمين‭ ‬ولديه‭ ‬إمكانات‭ ‬تقنية‭ ‬عالية‭ ‬لا‭ ‬يعرفها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬لديه‭ ‬نفس‭ ‬الذكاء‭ ‬والحرفية‭ ‬والتميز‭ ‬التقني‭. ‬والمقارعة‭ ‬تتطلب‭ ‬الكفاءة‭ ‬في‭ ‬القدرات‭ ‬والإمكانات‭ ‬المتماثلة،‭ ‬إضافة‭ ‬للنية‭ ‬لصادقة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الجريمة‭ ‬ومن‭ ‬يقف‭ ‬خلفها‭. ‬

يجب‭ ‬علينا‭ ‬التنبيه،‭ ‬بأهمية‭ ‬الدور‭ ‬الفردي‭ ‬والجماعي‭ ‬لمكافحة‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬وتوفير‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬لننعم‭ ‬بحياة‭ ‬تقنية‭ ‬آمنة‭ ‬وهانئة‭ ‬نقطف‭ ‬من‭ ‬ثمراتها‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مفيد‭ ‬لنا‭ ‬ولحياتنا‭ ‬ولمستقبلنا،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬الإمكان‭ ‬إذا‭ ‬تماسكنا‭ ‬ووقفنا‭ ‬صفا‭ ‬واحدا‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬لنا‭ ‬ولغيرنا‭ ‬والقضاء‭ ‬التام‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وزمان‭. ‬