زبدة القول

مجلس الأمن لا يستطيع حفظ الأمن!

| د. بثينة خليفة قاسم

الذي‭ ‬نعرفه‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬تم‭ ‬تشكيله‭ ‬لحفظ‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬والتحرك‭ ‬عندما‭ ‬يتعرض‭ ‬هذا‭ ‬الأمن‭ ‬لأي‭ ‬خطر‭ ‬لمنع‭ ‬وقوع‭ ‬هذا‭ ‬الخطر،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬يقدم‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬أداة‭ ‬لخدمة‭ ‬الدول‭ ‬المهيمنة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬يتحرك‭ ‬لحفظ‭ ‬السلم‭ ‬والأمن‭ ‬الذي‭ ‬خلق‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬في‭ ‬الأساس‭.‬

الغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬جهاز‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تثبت‭ ‬يوما‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬سوى‭ ‬حقيقة‭ ‬واحدة‭ ‬هي‭ ‬أنها‭ ‬تماما‭ ‬عكس‭ ‬اسمها،‭ ‬فكيف‭ ‬تكون‭ ‬متحدة‭ ‬وبين‭ ‬دولها‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الاختلافات،‭ ‬كنا‭ ‬نتصور‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬سيتحرك‭ ‬بسرعة‭ ‬لمنع‭ ‬اشتعال‭ ‬حريق‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الأفريقي‭ ‬بسبب‭ ‬أزمة‭ ‬سد‭ ‬النهضة‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬وأثيوبيا‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬الأزمة‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬الخطورة‭ ‬كونها‭ ‬قضية‭ ‬وجود‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمصر‭ ‬والسودان‭ ‬وقد‭ ‬تنتج‭ ‬عنها‭ ‬حرب‭ ‬تهز‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬برمتها،‭ ‬لكن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬لنا‭ ‬سوى‭ ‬الإحباط‭ ‬وجمل‭ ‬متحفظة‭ ‬لا‭ ‬تسمن‭ ‬ولا‭ ‬تغني‭ ‬من‭ ‬جوع،‭ ‬وتبين‭ ‬أن‭ ‬مصالح‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬ملايين‭ ‬الأرواح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭.‬

مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬أحال‭ ‬الأزمة‭ ‬كلها‭ ‬للاتحاد‭ ‬الأفريقي،‭ ‬أو‭ ‬بالأحرى‭ ‬أعادها‭ ‬لمنظمة‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬شيئا‭ ‬أو‭ ‬المنظمة‭ ‬التي‭ ‬فشلت‭ ‬فعليا‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الأزمة‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬جولات‭ ‬التفاوض،‭ ‬فلو‭ ‬كان‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬قد‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يحرك‭ ‬الأمور‭ ‬قيد‭ ‬أنملة‭ ‬لما‭ ‬ذهبت‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭.‬

الحقيقة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬برهان‭ ‬أن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬لم‭ ‬يثبت‭ ‬يوما‭ ‬أنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مكان‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬