ياسمينيات

لمن تلك البيوت؟

| ياسمين خلف

لا‭ ‬أمزح،‭ ‬وكلي‭ ‬جدية،‭ ‬هل‭ ‬يقدم‭ ‬البحريني‭ ‬طلب‭ ‬الإسكان‭ ‬لنفسه،‭ ‬أم‭ ‬لابنه؟‭ ‬فإن‭ ‬كان‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭ ‬يأتي‭ ‬بعد‭ ‬25‭ ‬عاماً‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬فذاك‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬المنتفع‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الوحدة‭ ‬ليس‭ ‬الأب‭ ‬مقدم‭ ‬الطلب،‭ ‬بل‭ ‬ابنه‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الغيب‭ ‬يوماً،‭ ‬وبات‭ ‬مشرفاً‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬وبحاجة‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬اليوم‭ ‬إلى‭ ‬سكنٍ‭ ‬له‭ ‬ولعياله‭.‬

الانتظار‭ ‬فعل‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬صبر،‭ ‬وهو‭ ‬أهون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تعطي‭ ‬الأمل‭ ‬لامرئ‭ ‬وتسوفه‭! ‬أبوحسن،‭ ‬كغيره‭ ‬قدم‭ ‬طلباً‭ ‬إسكانياً‭ ‬منذ‭ ‬نحو‭ ‬22‭ ‬عاماً،‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬مراجعاته‭ ‬ومناشداته‭ ‬لم‭ ‬يهدأ‭ ‬باله‭ ‬بحصوله‭ ‬على‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭ ‬تغنيه‭ ‬عن‭ ‬السكن‭ ‬المؤجر‭ ‬منذ‭ ‬زواجه‭. ‬انتظر‭ ‬طويلاً،‭ ‬وأعُطي‭ ‬أملاً‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬توبلي‭ ‬الإسكاني،‭ ‬كونه‭ ‬من‭ ‬سكنة‭ ‬مدينة‭ ‬عيسى،‭ ‬وزعت‭ ‬الوحدات‭ ‬ولم‭ ‬يحصل‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬أمله،‭ ‬عاد‭ ‬الأمل‭ ‬ليتجدد‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬الرملي‭ ‬الإسكاني،‭ ‬الذي‭ ‬وكما‭ ‬وعده‭ ‬المسؤولون‭ ‬بأنه‭ ‬سيغطي‭ ‬طلبات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬عام‭ ‬2000م،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬وبلاشك‭ ‬سيحصل‭ ‬أخيراً‭ ‬على‭ ‬مطلبه‭. ‬انتهى‭ ‬مشروع‭ ‬الرملي‭ ‬ووزعت‭ ‬الوحدات،‭ ‬وهاتف‭ ‬أبوحسن‭ ‬لم‭ ‬يرن‭ ‬ليبشره‭! ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭ ‬وطلبه‭ ‬أحدث‭ ‬من‭ ‬طلبه‭! ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬استحقاق‭ ‬أصلاً‭! ‬والأغرب‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬وجود‭ ‬وحدات‭ ‬جاهزة‭ ‬ولم‭ ‬توزع‭ ‬ضمن‭ ‬الوحدات‭ ‬تلك،‭ ‬ليجعلنا‭ ‬نتساءل‭: ‬لمن‭ ‬تلك‭ ‬البيوت؟‭ ‬ولماذا‭ ‬تبقى‭ ‬مهجورة،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينتفع‭ ‬منها‭ ‬أحد‭ ‬المواطنين؟

ولأن‭ ‬الصبر‭ ‬فن،‭ ‬وأبوحسن‭ ‬يملك‭ ‬هذا‭ ‬الفن‭ ‬كما‭ ‬يبدو،‭ ‬أو‭ ‬لنقل،‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يصبر،‭ ‬أعُطي‭ ‬شهادة‭ ‬استحقاق‭ ‬لوحدة‭ ‬سكنية‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬شرق‭ ‬سترة‭ ‬الإسكاني،‭ ‬قبل‭ ‬على‭ ‬مضض‭ ‬وبه‭ ‬غُصة،‭ ‬وقيل‭ ‬إن‭ ‬المشروع‭ ‬سيكون‭ ‬جاهزاً‭ ‬خلال‭ ‬عامين،‭ ‬وها‭ ‬هما‭ ‬العامان‭ ‬قد‭ ‬انصرما،‭ ‬والمشروع‭ ‬متوقف‭! ‬عام‭ ‬يلوك‭ ‬الآخر‭ ‬وحلم‭ ‬الوحدة‭ ‬السكنية‭ ‬يتضاءل‭.. ‬الأعمار‭ ‬بيد‭ ‬الله،‭ ‬لكن‭ ‬العمر‭ ‬يمضي،‭ ‬ويجعلنا‭ ‬نقترب‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬الافتراضي‭ ‬لبقائنا‭ ‬أحياء،‭ ‬ولا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نسمع‭ ‬مجدداً‭ ‬خبر‭ ‬موت‭ ‬مواطن‭ ‬عند‭ ‬استلامه‭ ‬مفاتيح‭ ‬وحدته‭ ‬السكنية‭.‬

 

ياسمينة‭: ‬

متى‭ ‬ستتوقف‭ ‬هذه‭ ‬المعاناة؟‭.‬