سد النهضة والسيناريوهات المتوقعة

| رشاد الشيخ

في‭ ‬عام‭ ‬2011‭ ‬دشنت‭ ‬أثيوبيا‭ ‬أكبر‭ ‬مشروعات‭ ‬السدود‭ ‬في‭ ‬القارة‭ ‬الأفريقية‭ ‬وعاشر‭ ‬أكبر‭ ‬سد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬على‭ ‬نهر‭ ‬النيل‭ (‬سد‭ ‬النهضة‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬سيقوم‭ ‬بتوليد‭ ‬6450‭ ‬ميغاوات‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية،‭ ‬وستصل‭ ‬سعة‭ ‬هذه‭ ‬البحيرة‭ ‬الصناعية‭ ‬إلى‭ ‬74‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬من‭ ‬المياه‭.‬

إن‭ ‬آثار‭ ‬بناء‭ ‬السد‭ ‬على‭ ‬بلدان‭ ‬المصب‭ (‬مصر‭ ‬والسودان‭) ‬بدون‭ ‬توافق‭ ‬وتفاهم‭ ‬مع‭ ‬أثيوبيا‭ ‬تمثل‭ ‬خطرا‭ ‬داهما‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬المائي‭ ‬والغذائي‭ ‬للبلدين،‭ ‬حيث‭ ‬يمثل‭ ‬النيل‭ ‬ما‭ ‬مصدره‭ ‬95‭ % ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬المياه‭ ‬لمصر‭ ‬و75‭ % ‬للسودان،‭ ‬وينتج‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬نقص،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬الجفاف،‭ ‬فقد‭ ‬تتعرض‭ ‬الأراضي‭ ‬الزراعية‭ ‬إلى‭ ‬الجفاف‭ ‬والتسبب‭ ‬في‭ ‬فقدان‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬أعمالهم‭ ‬وتشرد‭ ‬ملايين‭ ‬من‭ ‬أسر‭ ‬المزارعين،‭ ‬كما‭ ‬ينتج‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬الكهرباء‭ ‬من‭ ‬السد‭ ‬العالي‭ ‬الخاص‭ ‬بمصر،‭ ‬كما‭ ‬سيؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬المتدفقة‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬سنوياً‭ ‬بحوالي‭ ‬من‭ ‬9‭ ‬–‭ ‬15‭ ‬مليار‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭.‬

ونتيجة‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬إعلان‭ ‬المبادئ‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬وأثيوبيا‭ ‬والذي‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬ملء‭ ‬بحيرة‭ ‬السد‭ ‬إلا‭ ‬بالتوافق‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث،‭ ‬كما‭ ‬ينظم‭ ‬أسلوب‭ ‬الملء‭ ‬الأول‭ ‬للبحيرة‭ ‬والتخزين‭ ‬والتشغيل‭ ‬بالتشاور‭ ‬والتنسيق‭ ‬مع‭ ‬تشغيل‭ ‬السدود‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬مصر‭ ‬والسودان،‭ ‬وإشراك‭ ‬القاهرة‭ ‬والخرطوم‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬قواعد‭ ‬تشغيل‭ ‬السد‭ ‬وملء‭ ‬بحيرته‭ ‬لمنع‭ ‬حدوث‭ ‬نقص‭ ‬في‭ ‬المياه‭ ‬أو‭ ‬تأخير‭ ‬وصولها‭ ‬بقدر‭ ‬لا‭ ‬تحتمله‭ ‬أي‭ ‬منهما،‭ ‬ومراعاة‭ ‬مستوى‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬بحيرات‭ ‬السدود‭ ‬المصرية‭ ‬والسودانية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬آلية‭ ‬تنسيق‭ ‬دائمة‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الثلاث‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬ينخفض‭ ‬بالقدر‭ ‬الذي‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬كفاءتها‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء،‭ ‬وبذلك‭ ‬منح‭ ‬الاتفاق‭ ‬القاهرة‭ ‬والسودان‭ ‬تعهدا‭ ‬بعدم‭ ‬الإضرار‭ ‬بحقوقهما‭ ‬التاريخية‭ ‬المكتسبة‭ ‬في‭ ‬مياه‭ ‬النيل‭.‬

لكن‭ ‬بدأ‭ ‬الجانب‭ ‬الأثيوبي‭ ‬إنشاء‭ ‬السد‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬الدراسة‭ ‬المعدة‭ ‬من‭ ‬الخبراء‭ ‬حول‭ ‬تأثير‭ ‬السد‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬السودان‭ ‬ومصر،‭ ‬بما‭ ‬يضرب‭ ‬الاتفاقية‭ ‬الموقعة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2015‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بمياه‭ ‬النيل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬القوانين‭ ‬الدولية‭ ‬المنظمة‭ ‬لاستغلال‭ ‬مياه‭ ‬الأنهار‭ ‬المشتركة‭ ‬والمعاهدات‭ ‬الموقعة‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬فمعاهدة‭ ‬1902‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬عليها‭ ‬الحبشة‭ )‬أثيوبيا‭) ‬مع‭ ‬بريطانيا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تحتل‭ ‬مصر‭ ‬والسودان‭ ‬تحظر‭ ‬إقامة‭ ‬سدود‭ ‬على‭ ‬النيل‭ ‬الأزرق‭ ‬أو‭ ‬بحيرة‭ ‬تانا‭ )‬منبعه‭) ‬أو‭ ‬نهر‭ ‬السوباط‭ (‬الرافد‭ ‬الأثيوبي‭ ‬الجنوبي‭ ‬للنيل‭) ‬دون‭ ‬موافقة‭ ‬مصر،‭ ‬ومعاهدة‭ ‬1891‭ ‬بين‭ ‬بريطانيا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تستعمر‭ ‬الحبشة،‭ ‬تحظر‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬أو‭ ‬منشأة‭ ‬على‭ ‬نهر‭ ‬عطبرة‭ (‬الرافد‭ ‬الشمالي‭ ‬للنيل‭) ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬مياهه،‭ ‬وفي‭ ‬1929‭ ‬وقعت‭ ‬مصر‭ ‬وبريطانيا‭ ‬نيابة‭ ‬عن‭ ‬مستعمراتها‭ (‬تنزانيا‭ ‬وكينيا‭ ‬وأوغندا‭ ‬والسودان‭) ‬اتفاقية‭ ‬تعطي‭ ‬القاهرة‭ ‬حق‭ ‬الفيتو‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬تقيمه‭ ‬دول‭ ‬المنابع‭ ‬ينقص‭ ‬من‭ ‬حصتها‭ ‬أو‭ ‬يؤخر‭ ‬وصولها‭. ‬“المقال‭ ‬كاملا‭ ‬في‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني”‭.‬