“غلطة الشاطر بألف”

| زهير توفيقي

تابع‭ ‬الجميع‭ ‬بالقنوات‭ ‬الإخبارية‭ ‬تصرف‭ ‬قائد‭ ‬المنتخب‭ ‬البرتغالي‭ ‬كريستيانو‭ ‬رونالدو‭ ‬قبل‭ ‬بدء‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحافي‭ ‬لمباراة‭ ‬بلاده‭ ‬مع‭ ‬المجر،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬بإزاحة‭ ‬زجاجات‭ ‬المشروبات‭ ‬الغازية‭ ‬لإحدى‭ ‬الشركات‭ ‬الراعية‭ ‬لبطولة‭ ‬كأس‭ ‬الأمم‭ ‬الأوروبية‭ (‬يورو‭ ‬2020‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬قام‭ ‬برفع‭ ‬زجاجة‭ ‬ماء‭ ‬ناصحًا‭ ‬متابعيه‭ ‬بأهمية‭ ‬شرب‭ ‬الماء‭! ‬ونتيجة‭ ‬لهذا‭ ‬التصرف‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬والمفاجئ‭ ‬أعلنت‭ ‬الشركة‭ ‬المالكة‭ ‬للمشروب‭ ‬الغازي‭ ‬أنها‭ ‬تكبدت‭ ‬خسائر‭ ‬قدرت‭ ‬بـ‭ ‬‮٤‬‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬أميركي‭!‬

هذه‭ ‬الحركة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬اعتقادي‭ ‬مقصودة‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬اللاعب‭ ‬الدولي‭ ‬المعروف،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬حدثت‭ ‬بالفعل،‭ ‬وخلقت‭ ‬أزمة‭ ‬قانونية‭ ‬بين‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬والشركة‭ ‬الراعية،‭ ‬وكما‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬“غلطة‭ ‬الشاطر‭ ‬بألف”،‭ ‬حيث‭ ‬يؤكد‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭ ‬أمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬شخصيات‭ ‬كبيرة‭ ‬ومهمة‭ ‬لها‭ ‬مكانتها‭ ‬وثقلها‭ ‬السياسي‭ ‬والاجتماعي‭. ‬في‭ ‬المقابل،‭ ‬قام‭ ‬اللاعب‭ ‬الفرنسي‭ ‬بوغبا‭ ‬أثناء‭ ‬المؤتمر‭ ‬الصحافي‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬بعيد‭ ‬مباراة‭ ‬فريقه‭ ‬مع‭ ‬ألمانيا‭ ‬وبوازع‭ ‬ديني‭ ‬بإزاحة‭ ‬زجاجة‭ ‬مشروب‭ ‬كحولي‭ ‬من‭ ‬أمامه‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬هادئة‭ ‬أخف‭ ‬وطأة‭ ‬من‭ ‬رونالدو،‭ ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬ذلك‭ ‬أيضًا‭ ‬خطأ،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬الشركة‭ ‬المصنعة‭ ‬لهذا‭ ‬المشروب‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬الراعية‭ ‬للبطولة‭ ‬أيضًا‭.‬

شخصيًا‭ ‬أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الاثنين‭ ‬وقعا‭ ‬في‭ ‬خطأ‭ ‬بشري‭ ‬كما‭ ‬يسمونه‭ (‬Human error‭)‬،‭ ‬لكن‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭.. ‬ما‭ ‬تبعات‭ ‬هذه‭ ‬الأخطاء‭ ‬البشرية‭ ‬ومن‭ ‬يتحملها؟‭ ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬الشعبي‭ ‬“لسانك‭ ‬حصانك‭ ‬إن‭ ‬صنته‭ ‬صانك‭ ‬وإن‭ ‬خنته‭ ‬خانك”،‭ ‬فأحيانًا‭ ‬بل‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬بحكم‭ ‬موقع‭ ‬عملهم‭ ‬في‭ ‬أخطاء‭ ‬نتيجة‭ ‬هفوة‭ ‬في‭ ‬كلمة‭ ‬أو‭ ‬جملة‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬يقولون‭ ‬“خانه‭ ‬التعبير”،‭ ‬ونتيجة‭ ‬لهذا‭ ‬الخطأ‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مقصودًا‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مقصود‭ ‬فإن‭ ‬عواقبه‭ ‬تكون‭ ‬وخيمة‭ ‬بل‭ ‬وخيمة‭ ‬جدًا،‭ ‬وهناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمثلة‭ ‬التي‭ ‬شاهدناها‭ ‬في‭ ‬عالمنا،‭ ‬وقد‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬فقدان‭ ‬البعض‭ ‬مناصبهم،‭ ‬فبعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يتباهى‭ ‬بما‭ ‬حققه‭ ‬هو‭ ‬لمؤسسته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وصفه‭ ‬الإنجازات‭ ‬التي‭ ‬تحققت،‭ ‬فيسترسل‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬ويدخل‭ ‬في‭ ‬حوارات‭ ‬جانبية‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬تجنبها‭ ‬وتكون‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬لب‭ ‬الحديث،‭ ‬وهنا‭ ‬قد‭ ‬يقع‭ ‬في‭ ‬المحظور،‭ ‬لذا‭ ‬قيل‭ ‬قديمًا‭ ‬“خير‭ ‬الكلام‭ ‬ما‭ ‬قل‭ ‬ودل”‭. ‬الخلاصة‭.. ‬من‭ ‬واجبنا‭ ‬جميعًا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬أكثر‭ ‬تحفظا‭ ‬وحذرا‭ ‬أثناء‭ ‬حواراتنا‭ ‬وخصوصا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الجمهور‭ ‬حاضرًا‭. ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد‭.‬