سوالف

آخر نبضات عناق الراتب كاملا

| أسامة الماجد

سيكون‭ ‬راتب‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬آخر‭ ‬راتب‭ ‬كامل‭ ‬سيستلمه‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬المستفيد‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬توقيف‭ ‬القروض‭ ‬مرتين‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬حيث‭ ‬تضاعفت‭ ‬القوة‭ ‬الشرائية‭ ‬وتحققت‭ ‬مكاسب‭ ‬اقتصادية‭ ‬جراء‭ ‬توقيف‭ ‬القروض‭ ‬الشخصية،‭ ‬وكانت‭ ‬هناك‭ ‬حركة‭ ‬ملحوظة‭ ‬في‭ ‬تركيبة‭ ‬وطريقة‭ ‬الصرف‭ ‬العائلي‭ ‬والأولويات‭ ‬والبرامج‭ ‬والآليات،‭ ‬لكن‭ ‬كيف‭ ‬سيكون‭ ‬وضع‭ ‬المواطن‭ ‬خصوصا‭ ‬أصحاب‭ ‬الدخول‭ ‬المحدودة‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬القادم،‭ ‬حيث‭ ‬ستنفجر‭ ‬في‭ ‬وجهه‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬براكين‭ ‬القروض،‭ ‬وستلوح‭ ‬البنوك‭ ‬ومختلف‭ ‬الجهات‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬بعصاة‭ ‬الدفع‭ ‬وكأنها‭ ‬تسيره‭ ‬إلى‭ ‬المشنقة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التجار‭ ‬سيتعاملون‭ ‬معه‭ ‬بضراوة‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬وسيفترسونه‭ ‬بالأسعار‭ ‬وسيضغطون‭ ‬بقوة‭ ‬على‭ ‬مكان‭ ‬الجرح‭ ‬حتى‭ ‬النزيف‭.‬

سيكون‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬آخر‭ ‬نبضات‭ ‬عناق‭ ‬“الراتب‭ ‬كاملا”‭ ‬دون‭ ‬استقطاع،‭ ‬وبعده‭ ‬ستختفي‭ ‬البهجة‭ ‬وسيعود‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬إلى‭ ‬حمل‭ ‬أطنان‭ ‬من‭ ‬الديون‭ ‬“والبلاوي”‭ ‬التي‭ ‬سينتج‭ ‬عنها‭ ‬حتما‭ ‬تذبذب‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬المزاجية،‭ ‬وهذه‭ ‬أخطر‭ ‬الأزمات‭ ‬الحرجة،‭ ‬لأنها‭ ‬ستسير‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مع‭ ‬مشكلة‭ ‬كورونا‭ ‬والمد‭ ‬والجزر‭ ‬الذي‭ ‬يتعرض‭ ‬له‭ ‬المجتمع‭ ‬والأنماط‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬نتجت‭ ‬عنها‭ ‬أيضا‭ ‬اختلالات‭ ‬هيكلية‭ ‬عمقت‭ ‬مظاهر‭ ‬التحديات‭ ‬والمخاطر،‭ ‬وطالما‭ ‬أن‭ ‬أزمة‭ ‬كورونا‭ ‬مستمرة‭ ‬وجالسة‭ ‬معنا‭ ‬كعندليب‭ ‬الخراب،‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تطير‭ ‬أشواق‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭ ‬ولهفته‭ ‬إلى‭ ‬دورة‭ ‬ثالثة‭ ‬من‭ ‬توقيف‭ ‬القروض‭ ‬متحملا‭ ‬بفرح‭ ‬أية‭ ‬رسوم‭ ‬أو‭ ‬أرباح‭ ‬تفرضها‭ ‬البنوك‭ ‬طالما‭ ‬هو‭ ‬واقع‭ ‬تحت‭ ‬الحصار‭ ‬أصلا‭ ‬وكالسمكة‭ ‬في‭ ‬حوض‭ ‬الزجاج‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬منه‭ ‬إلا‭ ‬وهي‭ ‬ميتة‭.‬

لا‭ ‬يتسع‭ ‬المقام‭ ‬لاستعراض‭ ‬ومناقشة‭ ‬جميع‭ ‬العوامل‭ ‬التي‭ ‬سيتأثر‭ ‬منها‭ ‬المواطن‭ ‬البسيط‭ ‬جراء‭ ‬عودة‭ ‬دوران‭ ‬عجلة‭ ‬القروض‭ ‬وتمزيقها‭ ‬حياته‭ ‬وإدخاله‭ ‬أفران‭ ‬المعاناة،‭ ‬لكننا‭ ‬كمواطنين‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬الاستثنائية‭ (‬توقيف‭ ‬القروض‭) ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬الأسرة‭ ‬وتحريك‭ ‬الأسواق‭ ‬لغاية‭ ‬أن‭ ‬يزيد‭ ‬ويشد‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬صلابته‭ ‬وتنخفض‭ ‬أرقام‭ ‬الإصابات‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬لا‭ ‬تشكل‭ ‬قلقا‭ ‬مثل‭ ‬الآن،‭ ‬فنحن‭ ‬لا‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬رخاء‭ ‬مفاجئ‭ ‬للمواطن،‭ ‬إنما‭ ‬عن‭ ‬مرحلة‭ ‬مؤقتة‭ ‬تفرض‭ ‬بعض‭ ‬الحاجات‭ ‬والأساسيات‭ ‬التي‭ ‬تهم‭ ‬المجتمع‭ ‬ككل‭.‬