سوالف

“الموريتاني”... وبشاعة تعامل السلطات الأميركية

| أسامة الماجد

في‭ ‬الواقع‭ ‬لو‭ ‬قمنا‭ ‬بتحليل‭ ‬بعض‭ ‬التجارب‭ ‬السينمائية‭ ‬الأميركية‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬11‭ ‬سبتمبر،‭ ‬سنلاحظ‭ ‬اهتماما‭ ‬بالاضطهاد‭ ‬العنصري‭ ‬والتعذيب‭ ‬والترهيب‭ ‬الذي‭ ‬تعرض‭ ‬له‭ ‬مئات‭ ‬السجناء‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬السلطات‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬“غوانتينامو”‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬شاهدا‭ ‬على‭ ‬العنصرية‭ ‬والقتل‭ ‬والإجرام،‭ ‬وظهرت‭ ‬إلى‭ ‬الوجود‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأفلام‭  ‬التي‭ ‬تمثل‭ ‬لوحة‭ ‬نضالية‭ ‬كاملة‭ ‬ضد‭ ‬الحكومة‭ ‬الأميركية‭ ‬التي‭ ‬تدعي‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬ولكنها‭ ‬في‭ ‬حقيقة‭ ‬الأمر‭ ‬تتسيد‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬الاعتقالات‭ ‬والاغتيالات‭ ‬وعمليات‭ ‬التعذيب‭ ‬والانتهاكات‭ ‬المستمرة‭ ‬لأبسط‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬وقد‭ ‬أحدث‭ ‬فيلم‭ ‬“الموريتاني”‭ ‬للمخرج‭ ‬الكبير‭ ‬كيفن‭ ‬ماكدونالد،‭ ‬وبطولة‭ ‬جودي‭ ‬فوستر‭ ‬وطاهر‭ ‬رحيم،‭ ‬والذي‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬فبراير‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬والمأخوذ‭ ‬عن‭ ‬“يوميات‭ ‬غوانتينامو‭ ‬للكاتب‭ ‬محمد‭ ‬ولد‭ ‬صلاحي”‭ ‬فضيحة‭ ‬واسعة‭ ‬وبأحرف‭ ‬عريضة‭ ‬للسلطات‭ ‬الأميركية،‭ ‬فمحمد‭ ‬ولد‭ ‬صلاحي‭ ‬مواطن‭ ‬موريتاني‭ ‬تم‭ ‬القبض‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬وطنه‭ ‬وتم‭ ‬ترحيله‭ ‬سرا‭ ‬إلى‭ ‬سجن‭ ‬غوانتينامو‭ ‬الشهير‭ ‬بعد‭ ‬أحداث‭ ‬11‭ ‬سبتمبر‭ ‬بشهرين،‭ ‬وقضى‭ ‬14‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬سبب‭ ‬ودون‭ ‬أية‭ ‬تهمة،‭ ‬إنما‭ ‬مجرد‭ ‬شكوك‭ ‬واهية،‭ ‬وخلال‭ ‬فترة‭ ‬اعتقاله‭ ‬تعرض‭ ‬إلى‭ ‬أبشع‭ ‬أنواع‭ ‬الإهانة‭ ‬والتعذيب‭ ‬التي‭ ‬يستحي‭ ‬المرء‭ ‬من‭ ‬ذكرها‭.‬

وبطريقة‭ ‬ما‭ ‬ترسل‭ ‬السماء‭ ‬والعناية‭ ‬الإلهية‭ ‬المحامية‭ ‬نانسي‭ ‬هولاندر‭ ‬إلى‭ ‬ولد‭ ‬صلاحي‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬حكم‭ ‬بأنه‭ ‬معتقل‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬السلطات‭ ‬الأميركية،‭ ‬بل‭ ‬وتطلب‭ ‬منه‭ ‬رفع‭ ‬قضية‭ ‬على‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬رامسفيلد،‭ ‬والرئيس‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الابن،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ممثل‭ ‬الادعاء‭ ‬الكولونيل‭ ‬ستيوارت‭ ‬كوتش‭ ‬في‭ ‬البحرية‭ ‬الأميركية‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬يسعى‭ ‬جاهدا‭ ‬لاستصدار‭ ‬حكم‭ ‬بإعدام‭ ‬ولد‭ ‬صلاحي،‭ ‬يكتشف‭ ‬زيف‭ ‬حكومته‭ ‬وضعف‭ ‬الأدلة‭ ‬ليقرر‭ ‬بعدها‭ ‬الابتعاد‭ ‬عن‭ ‬القضية‭ ‬التي‭ ‬ربحها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬السباق‭ ‬المؤلم‭ ‬الموريتاني،‭ ‬وبالرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬توجيه‭ ‬أية‭ ‬تهمة‭ ‬له‭ ‬وتبرئته‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬ظل‭ ‬في‭ ‬السجن‭ ‬6‭ ‬سنوات‭ ‬إضافية،‭ ‬وأطلق‭ ‬سراحه‭ ‬عام‭ ‬2016‭. ‬

إن‭ ‬أي‭ ‬ناقد‭ ‬حكيم‭ ‬لهذا‭ ‬الأثر‭ ‬وبشاعة‭ ‬جرائم‭ ‬السلطات‭ ‬الأميركية،‭ ‬فإننا‭ ‬نجزم‭ ‬بأنه‭ ‬سينصح‭ ‬أميركا‭ ‬بعدم‭ ‬التحدث‭ ‬نهائيا‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬فقد‭ ‬انكشف‭ ‬منطقها‭ ‬الأعوج‭.‬