مُلتقطات

البحرين الأولى في “هدر الطعام”!

| د. جاسم المحاري

ما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬“برنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة”‭ ‬مؤخراً،‭ ‬يؤكد‭ ‬تزايد‭ ‬الكلفة‭ ‬البيئية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬الناتج‭ ‬عن‭ ‬الأغذية‭ ‬المُهدرة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬“استشراء”‭ ‬عادة‭ ‬إهدار‭ ‬أطنان‭ ‬الطعام‭ ‬وفقدان‭ ‬كميات‭ ‬الغذاء‭ ‬التي‭ ‬يتمّ‭ ‬التخلص‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬مراحل‭ ‬سلسلة‭ ‬الإمداد‭ ‬الغذائي‭ ‬المتعارفة،‭ ‬حيث‭ ‬يذهب‭ ‬المُهدر‭ ‬غالباً‭ ‬إلى‭ ‬مدافن‭ ‬النفايات،‭ ‬فيما‭ ‬يُعاد‭ ‬المفقود‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬السلسلة‭ ‬التي‭ ‬توضع‭ ‬في‭ ‬استخدامات‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬المنتجة‭ ‬للطعام؛‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يُثقل‭ ‬كاهل‭ ‬أنظمة‭ ‬إدارة‭ ‬النفايات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬على‭ ‬مختلف‭ ‬الأصعدة‭ ‬المحلية‭ ‬والإقليمية‭ ‬والعالمية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬المساعي‭ ‬الأممية‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬الأجيال‭ ‬بعد‭ ‬خفض‭ ‬حصة‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬النفايات‭ ‬إلى‭ ‬النصف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إدارة‭ ‬الحصاد‭ ‬والنقل‭ ‬والتخزين‭ ‬والمعالجة‭ ‬والتغليف‭ ‬والتوزيع،‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الأفضل‭!‬

تُعتبر‭ ‬مسألة‭ ‬الهدر‭ ‬في‭ ‬الطعام‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي،‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬المسائل‭ ‬إلحاحاً‭ ‬التي‭ ‬تُواجه‭ ‬كوكبنا‭ ‬اليوم‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬صدر‭ ‬من‭ ‬أرقام‭ ‬“مرعبة”‭ ‬عن‭ ‬هيئة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬يُهدَر‭ ‬نحو‭ ‬ثلث‭ ‬الأغذية‭ ‬المنتجة‭ ‬عالمياً‭ ‬بصورة‭ ‬سنوية‭ ‬بما‭ ‬يفوق‭ ‬–‭ ‬للأسف‭ - ‬إحصاءاتها‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬الـ‭ (‬30‭ %) ‬نتيجة‭ ‬ما‭ ‬يُرمى‭ ‬في‭ ‬حاويات‭ ‬النفايات‭ ‬لعلّة‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬تُرهق‭ ‬ميزانيات‭ ‬الأسر‭ ‬وتتحكم‭ ‬في‭ ‬أنماط‭ ‬الاستهلاك‭ ‬عند‭ ‬إقامة‭ ‬الولائم‭ ‬والعزومات‭ ‬في‭ ‬البيوت‭ ‬والمجالس‭ ‬والديوانيات‭ ‬والخيم‭ ‬والفنادق‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬أخص‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬تُنتج‭ ‬فيه‭ ‬الكميات‭ ‬الهائلة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬النفايات،‭ ‬حيث‭ ‬تتجاوز‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وحدها‭ ‬الـ‭ (‬600‭) ‬طن‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الواحد،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أًهَلّنَا‭ ‬كبحرينيين‭ ‬أنْ‭ ‬نتصدّر‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬الهدر،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬حصولنا‭ ‬المركز‭ ‬الرابع‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم‭ ‬بعدما‭ ‬كشفت‭ ‬تقارير‭ ‬الرصد‭ ‬والمتابعة‭ ‬للبرنامج‭ ‬الأممي‭ ‬مقدار‭ ‬الهدر‭ ‬للفرد‭ ‬البحريني‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقلّ‭ ‬عن‭ (‬132‭) ‬كيلوجراماً‭ ‬سنوياً‭ ‬من‭ ‬الطعام‭! ‬

نافلة‭: ‬

يرتكز‭ ‬الهدف‭ ‬رقم‭ (‬12‭) ‬لبرنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للبيئة‭ ‬إلى‭ ‬خفض‭ ‬نصيب‭ ‬الفرد‭ ‬من‭ ‬نفايات‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمية‭ ‬إلى‭ ‬النصف‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬البيع‭ ‬والاستهلاك،‭ ‬وكذلك‭ ‬الحدّ‭ ‬من‭ ‬فقد‭ ‬الأغذية‭ ‬على‭ ‬طول‭ ‬سلاسل‭ ‬الإنتاج‭ ‬وإمداداته؛‭ ‬لما‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬بيئية‭ ‬واجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬عكسية‭ ‬تستوجب‭ ‬رفع‭ ‬درجات‭ ‬الوعي‭ ‬بين‭ ‬الأفراد‭ ‬والمجتمعات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬وقف‭ ‬هذا‭ ‬الفقد‭ ‬ومحاولة‭ ‬ابتكار‭ ‬الآليات‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬يمكن‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬فوائض‭ ‬الطعام‭ ‬كتنظيم‭ ‬الحملات‭ ‬الشعبية‭ ‬بشعاراتها‭ ‬المختلفة‭ ‬كشعار‭ ‬“النّقص‭ ‬ولا‭ ‬الزّود”‭ ‬الذي‭ ‬شاع‭ ‬استخدامه‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬الشقيقة،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬والمنظمات‭ ‬المهتمة‭ ‬بإعادة‭ ‬استخدام‭ ‬الأغذية‭ ‬والتوعية‭ ‬بأهمية‭ ‬الحدّ‭ ‬من‭ ‬الهدر‭ ‬والفقد‭ ‬الغذائي‭ ‬المتزايد‭.‬