فجر جديد

اللواء الركن فهد سالم الغنيم

| إبراهيم النهام

في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬رمضان‭ ‬الحالي،‭ ‬انتقل‭ ‬إلى‭ ‬رحمة‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬اللواء‭ ‬الركن‭ ‬المتقاعد‭ ‬فهد‭ ‬سالم‭ ‬الغنيم‭ ‬وهو‭ ‬بسيارة‭ ‬الإسعاف‭ ‬أثناء‭ ‬توجهها‭ ‬للمستشفى‭ ‬العسكري،‭ ‬بعد‭ ‬مضاعفات‭ ‬تنفسية‭ ‬ألمت‭ ‬به،‭ ‬ومعاناة‭ ‬أكثر‭ ‬مع‭ ‬الفشل‭ ‬الكلوي‭.‬

انتقل‭ ‬الغنيم‭ ‬للقاء‭ ‬ربه‭ ‬بعد‭ ‬خدمة‭ ‬مشرفة‭ ‬بقوة‭ ‬دفاع‭ ‬البحرين‭ ‬الباسلة،‭ ‬تجاوزت‭ ‬42‭ ‬عاماً،‭ ‬عنون‭ ‬خلالها‭ ‬بمحطات‭ ‬عمله‭ ‬بعدد‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬الوحدات‭ ‬القتالية،‭ ‬أبرزها‭ ‬القوات‭ ‬الخاصة،‭ ‬مفاهيم‭ ‬لا‭ ‬تنسى‭ ‬في‭ ‬الفداء‭ ‬والتضحية‭ ‬والولاء،‭ ‬وتشريف‭ ‬المهنة،‭ ‬وأداء‭ ‬الواجب،‭ ‬وكان‭ ‬الغنيم‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬أوائل‭ ‬الطلبة‭ ‬الذين‭ ‬درسوا‭ ‬في‭ ‬الكلية‭ ‬العسكرية‭ ‬الكويتية‭ ‬عام‭ ‬1971‭ ‬فكان‭ ‬منذ‭ ‬البدايات‭ ‬الأولى‭ ‬مجداً‭ ‬ومثابراً‭ ‬وجاداً‭ ‬في‭ ‬عمله،‭ ‬ومقلاً‭ ‬في‭ ‬الكلام‭ ‬كما‭ ‬يذكر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أقرانه،‭ ‬كان‭ ‬باختصار‭ ‬رجلاً‭ ‬عسكرياً‭ ‬من‭ ‬الطراز‭ ‬الأول،‭ ‬وعرف‭ ‬بين‭ ‬أقرانه‭ ‬بكاريزما‭ ‬خاصة،‭ ‬وبالشجاعة‭ ‬والحكمة‭ ‬والذكاء‭ ‬الفطري‭ ‬والهدوء،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يؤدي‭ ‬الصلاة‭ ‬في‭ ‬وقتها،‭ ‬ومستقيماً‭ ‬في‭ ‬عمله،‭ ‬لا‭ ‬يظلم‭ ‬أحداً،‭ ‬ولا‭ ‬ينصت‭ ‬لطرف‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬طرف‭ ‬آخر‭. ‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬محطات‭ ‬عمله،‭ ‬تأسيسه‭ ‬لقوة‭ ‬التحرك‭ ‬السريع‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬مناورات‭ ‬درع‭ ‬الجزيرة،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬قائدا‭ ‬للقوات‭ ‬البحرينية‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬تحرير‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬من‭ ‬الاحتلال‭ ‬العراقي‭ ‬الغاشم،‭ ‬وبعد‭ ‬عودته‭ ‬من‭ ‬حرب‭ ‬التحرير،‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬أقربائه‭ ‬أو‭ ‬أصدقائه‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬منه‭ ‬حرفاً‭ ‬واحداً،‭ ‬عما‭ ‬حصل‭ ‬أو‭ ‬رآه‭ ‬هناك،‭ ‬كان‭ ‬كاتماً‭ ‬للأسرار،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬مقلاً‭ ‬في‭ ‬الاتصال‭ ‬بذويه‭ ‬وهو‭ ‬بالكويت‭ ‬وموجزاً‭ ‬بكل‭ ‬مكالمة‭ ‬يجريها‭.‬

ومن‭ ‬المواقف‭ ‬الجميلة‭ ‬له‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬موقف‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1989‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬مسؤولاً‭ ‬بإحدى‭ ‬الدورات‭ ‬التدريبية‭ ‬عن‭ ‬أحد‭ ‬إخوته‭ ‬وهو‭ ‬ضابط‭ ‬متقاعد‭ ‬حاليا،‭ ‬وقدم‭ ‬له‭ ‬أخوه‭ ‬صبيحة‭ ‬يوم‭ ‬ساخن،‭ ‬تقريراً‭ ‬طبياً‭ ‬يفيده‭ ‬بأنه‭ ‬“مسخن”‭ ‬وغير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬امتحان‭ ‬الجري،‭ ‬فقال‭ ‬اللواء‭ ‬الغنيم‭ ‬للمسؤول‭ ‬المباشر‭ ‬عن‭ ‬أخوه‭ ‬وبصرامة‭ (‬قول‭ ‬له‭ ‬يسوي‭ ‬فحص‭ ‬الجري،‭ ‬أو‭ ‬بيرسب‭)‬،‭ ‬فتم‭ ‬بعدها‭ ‬ترسيب‭ ‬الأخ‭ ‬بالفعل‭ ‬لعدم‭ ‬إيفائه‭ ‬بالشرط،‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬اعتبار‭ ‬لصلة‭ ‬القرابة‭.‬

نكتب‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬رجل‭ ‬المهمات‭ ‬الصعبة‭ ‬اللواء‭ ‬الركن‭ ‬فهد‭ ‬سالم‭ ‬الغنيم،‭ ‬تقديراً‭ ‬وعرفاناً‭ ‬له‭ ‬ولجميع‭ ‬أفراد‭ ‬عائلته‭ ‬ومن‭ ‬عملوا‭ ‬معه،‭ ‬على‭ ‬الخدمات‭ ‬الجليلة‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬للقيادة‭ ‬الحكيمة‭ ‬والبحرين‭ ‬وشعب‭ ‬البحرين‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬عقود،‭ ‬مسطراً‭ ‬خلالها‭ ‬نموذجا‭ ‬يحتذى‭ ‬به‭ ‬بسمات‭ ‬الرجل‭ ‬العسكري‭ ‬الصارم‭ ‬والعادل‭ ‬والمجد،‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬وغفره‭ ‬له‭.‬