رئيس “البحرين لتنمية الموارد البشرية” لـ “البلاد”: الشح المالي يفرمل إنجاز صرح الجمعية
| إبراهيم النهام | تصوير: رسول الحجيري
أكد رئيس جمعية البحرين للتدريب وتنمية الموارد البشرية أحمد عطية أن الإبداع والابتكار والمرونة ضرورة حتمية، مع تفشي جائحة كورونا والتي غيرت خريطة التدريب وتنمية الموارد البشرية، واختصرت سنوات من التطور.
وأكد عطية بحديثه لـ "البلاد" أن الجمعية عانت أخيرًا انكماشًا كبيرا في الموارد المالية بسبب الجائحة، بقوله “أصبح من الصعب مواصلة تقديم البرامج والورش والمؤتمرات كالسابق، الأمر الذي دفعنا لنقل فعاليتنا المختلفة عبر المنصات الإلكترونية”.
كيف تقرأ واقع التدريب وتنمية الموارد البشرية كمحورين أساسين لإنجاح برامج ومشروعات الحكومة في ظل الضرر الذي أحدثته - وما تزال - جائحة كورونا؟
تولي البحرين منذ زمن طويل اهتمامًا كبير بسياستها التنموية بالاستثمار في العنصر البشري من خلال التدريب ورفع كفاء المواطنين في شتى المجالات، وجائحة كورنا كشفت للعالم أجمع أثر وثمار الاستثمار في التدريب بوجود فريق ذا كفاءة عالية على استعداد للتعامل مع الأزمات كفريق البحرين، ما عزز سمعة مملكة البحرين عالميا.
وتهتم الحكومة من أجل ضمان استمرارية الأعمال واستدامة القطاعات ومن ضمنها قطاع التدريب وتنمية الموارد البشرية، إذ كانت الحزمة الاقتصادية بمثابة العون الرئيس الذي ضمن بقاء واستمرارية مؤسسات التدريب المختلفة، خصوصا التي واكبت التغيرات وطورت استراتيجياتها وعملها بما يتناسب مع هذه المرحلة.
إذ إن جائحة كورونا أثرت بشكل كبير في تغيير خريطة التدريب وتنمية الموارد البشرية واختصرت سنوات من التطور، وأسرعت بخطى إدخال التكنولوجيا في كل مناحي العملية التدريبية من وضع الاستراتيجيات التدريبية مرورا بالمادة العلمية والأدوات المستخدمة وطرق التقييم وقياس الأثر، إذ أصبح الإبداع والابتكار والمرونة ضرورة حتمية.
ومع وجود تحديات كبرى للبشرية فإن الابتكار يكون في أعلى درجاته في هذه الفترات، وبالتالي تظهر الفجوة بين الواقع الحالي وما تطمح البشرية للوصول إليه، وعليه تظهر فجوات المهارات التي تحتاج إلى التدريب والتنمية من أجل إيصال المهارات الحالية للأفراد إلى المستوى المطلوب.
ما أهم العقبات التي واجهت مبادراتكم المستمرة لتأهيل وتدريب الشباب البحريني للانخراط بسوق العمل بقطاعيه العام والخاص وتبوأ المواقع القيادية؟
مع الجائحة واجهنا - ومازلنا - انكماشًا كبير في مواردنا المالية، إذ أصبح من الصعب مواصلة تقديم البرامج والورش والمؤتمرات كالسابق، ولكن مع طاقات الجمعية المبدعة والخلاقة فإن الجمعية واكبت التغيير دون أن يتأثر مستوى مخرجات الفعاليات والمبادرات واعتمدت على تقديم فعالياتها عبر منصات إلكترونية.
وغالبية برامجنا الحالية تتمثل في تعزيز مهارات الأعضاء من مسؤولي موارد بشرية في القطاعيين العام والخاص ومدربين، إضافة إلى ممارسي الكوتشنج وغيرهم، وهذا التعزيز يتمثل في التدريب على الابتكار والإبداع والتكنولوجيا، إضافة إلى استشراف المستقبل.
كل هذه الورش تم تقديمها من خبراء واختصاصيين في هذه المجالات من داخل وخارج مملكة البحرين. وان عدد الفعاليات منذ بدأ الجائحة في فبراير 2020 حتى اليوم وصل إلى 55 فعالية بحضور أكثر من 2700 مشارك.
ما أهدافكم وطموحاتكم في جمعية البحرين للتدريب؟
كجمعية مهنية متخصصة في التدريب وإدارة الموارد البشرية خصوصا والتنمية البشرية عموما، لديها أكثر من 1800 عضو، تسعى الجمعية وأعضاؤها بصورة حثيثة للسير على نهج القيادة في ظل المسيرة التنموية لعاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
والعمل يدًا بيد كشريك مكمل للجهود الحكومية في مجال التنمية البشرية من خلال طرح برامج مختلفة وأنشطة متنوعة تهدف للتبادل المعرفي والاستثمار الدائم للعقول والطاقات، لتحقيق أسس الجمعية الاستراتيجية من الاستدامة والتنوع والإبداع، ما يصب تحت نبراس رؤى صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وبالتالي يعزز إنشاء الفرص لدعم الكفاءات الوطنية من الشباب ورفع الأداء في كافة مجالات التنمية ويحقق الاستدامة على المدى البعيد.
جمعيتنا وما تمتلكه من خبرات متنوعة وكوكبة متميزة من الأعضاء يخدمون الوطن على الصعيد المهني ويساهمون الصعيد المدني، إذ يعملون على تحقيق الأهداف السامية المرجوة من الخطط الحكومية، كما أن لدينا من الخبرات الوطنية والإمكانات العلمية والتدريبية في الجمعية ما يمكننا أن نساهم بصورة فاعلة في تحقيق الأهداف الرامية لتدريب المواطن البحريني للانطلاق نحو طريق التنافسية والإنتاجية العالمية.
وتعمل الجمعية حاليا على الانتهاء من مشروع المقر الجديد في منطقة الرفاع، الذي بدأ في العام 2016 بتمويل وحيد يتمثل في العائد المالي من البرامج والفعاليات التي نفذتها الجمعية ودعم أعضائها المخلصين، واليوم الجمعية في تحد كبير لإنهاء المشروع لشح الدعم المالي، ونتطلع إلى الدعم من المؤسسات والبنوك لانتهاء من هذا الصرح الذي سوف يخدم شريحة كبيرة من المجتمع.
كيف تنظر للتجاوب الحكومي للخطط والبرامج الوطنية لجمعية البحرين للتدريب وتنمية الموارد البشرية في مجال التدريب وتأهيل الباحثين عن عمل؟
تطمح الجمعية لمزيد من التعاون الحكومي مع مؤسسات المجتمع المدني خصوصا الجمعيات المهنية التي تمثل الفئات الاحترافية في المجتمع، ولذا نتطلع إلى المزيد من تمثيل الجمعيات المهنية في مجالس إدارات المؤسسات المعنية بالقطاعات المشتركة، إذ إن الأهداف التنموية موحدة.
كما أننا على ثقة أن العمل المدني الذي يرتكز على النظرة المستقبلية الواعية بالتغييرات التي تشهدها المنطقة في الوضع الراهن بلا شك ستفتح آفاق جديدة للمملكة، ما يستدعي تضافر الجهود كافة للتأقلم مع الظروف والتغييرات، لتحقيق تطلعات القيادة الرشيدة والارتقاء بمكانة مملكة البحرين على المستوى الإقليمي والدولي ورفع المستوى المعيشي في المملكة.
ما أهم محطات التحول الرئيسة من القيادة التقليدية في حقل الموارد البشرية إلى القيادة الحديثة أو التكنولوجية كما يدعوها البعض؟
أصبحت الحاجة لتطبيق مفهوم القيادة الحديثة أو التحويلية ضرورة حتمية مع التغيرات المتسارعة في سوق العمل واحتياجات المؤسسات، وصارت قيادة التغيير من أكثر مفاهيم القيادة ملاءمة في المرحلة الراهنة.
إن القيادة التقليدية ترتكز على التخطيط والتنظيم والتوجيه والإشراف والرقابة، في حين ان قيادة التغيير الحديثة تبنى على تحديد الرؤية والعمل على التفاف القوى العاملة في المؤسسة بمختلف أقسامها وأدوارها حول هذه الرؤية، إضافة على العمل المستمر لتحفيز الموظفين ورفع الروح المعنوية والارتباط بالرؤية وتحفيز الدافع الداخلي لهم من أجل الوصول للأهداف المرجوة مع استمرارية التأكيد على دورهم الأساس لتحقيق هذه الرؤية. وقد لعبت التكنولوجيا دورًا أساسيا في هذه القيادة في كل مراحلها بدءا من تحدي الرؤية.
هل ترى أن الابتكار والقيادة الإبداعية حاضرة في مجتمعنا المحلي بالمستوى المطلوب؟ وبم تنصح؟
هناك جهود كبيرة تقوم بها مملكة البحرين نحو تعزيز مفهوم الابتكار من خلال برامج التدريب وأيضا المسابقات والجوائز التحفيزية لأفضل الأفكار الابتكارية لموظفي القطاع العام.
وأرى أنه لابد من تضمين الابتكار في مناهج التعليم وتعزيز منهجيات أطر دعم الإبداع لدى الأفراد وذلك بصورة منهجية وعلمية سليمة، وتوجيه صندوق العمل تمكين والقطاع الخاص لاحتضان برامج تعزز الابتكار، وخلق بيئات عمل تحتضن الابتكار لخلق بيئة تنافسية تنعكس بشكل إيجابي على اقتصاد البحرين مما يصب في تحقيق رؤية البحرين 2030.
ما المهارات أو الحلول الأساسية للتفكير الإبداعي “للموارد البشرية” خارج الصندوق؟ وما السبل الرامية من الوصول إليها وفرضها في مجتمعاتنا المحلية؟
التفكير الإبداعي والابتكاري سينتج حلولًا جديدة ومستحدثة لمختلف المشاكل، فمثلا نرى أن طرح خيار العمل الجزئي يمثل أحد الحلول الواقعية التي من خلالها يمكن تخفيض مصروفات الدولة بصورة كبيرة، وإعطاء الفرص للعديد من الموظفين للموازنة بين أدوارهم المختلفة في الحياة.
كما أن اعتماد ساعات العمل المرنة وتعزيز البيئة للعمل الافتراضي وخلق بيئات عمل موحدة مشتركة بين العديد من الجهات المتكاملة في عملها من شأنه أن يرفع الإنتاجية ويحسن الخدمة للمواطن والمقيم، ويضمن تبادل المعرفة والخبرات بين المؤسسات ويعزز روح التنافسية وبالتالي الاستدامة للعديد من القطاعات.
كيف نستطيع خلق بنية تحتية مثالية للتدريب، بحيث تجعل من المواطن البحريني الخيار الأمثل عند التوظيف؟
إن البنية التحتية موجودة فعليا في مملكة البحرين، إذ إن مشروع إصلاح سوق العمل أسس لهذه البنية، ووجود العديد من الهيئات التي توفر كل الاحتياجات للمواطن البحريني حتى يصبح الخيار الأمثل في سوق العمل، ولكن التحدي هو في الاختيار السليم للمواطن للفرصة المناسبة له من حيث القدرات والمهارات والطموح، إضافة إلى كيفية الاستفادة من الكثير من الفرص والبرامج المتاحة والمدعومة حاليا.
إن اختيار تطوير المهارة التي يميل لها الفرد إضافة إلى وجود احتياج لهذه المهارة في سوق العمل هو التحدي الحالي، كما أن خلق الاحتياج في حد ذاته يمثل علما قائما بذاته ويجب التركيز عليه لخلق الفرص خصوصا لرواد الأعمال.
يجب أن يكون هناك تشريع يلزم القطاع الخاص بالتدريب والاستثمار في العنصر البشري خصوصا في مهارات المستقبل، ما سيسهم بشكل كبير في جعل البحريني الخيار الأفضل.
ما الصعوبات التي تواجه تطبيق استراتيجيات إدارة الموارد البشرية الحديثة؟ خصوصا على مستوى تدريب الأفراد؟
من المهم أن تكون استراتيجيات إدارة الموارد البشرية الحديثة تتمتع بقدر كبير من المرونة لمواجهة التغيرات السريعة التي يشهدها العالم، كما أن استخدام أدوات التطبيق المناسبة يمثل أحد التحديات الحالية، إذ إن العمل عن بعد مثلا أو الوظائف الافتراضية ستكون هي المستقبل لسوق العمل، وعليه يجب أن تتغير طرق قياس الأداء وسبل رفع الإنتاجية للأفراد بسبب تغير طبيعة العمل وظروفه الحالية.