إيران والإعلام

| عبدالله العيناتي

شدني‭ ‬حوار‭ ‬أجرته‭ ‬قناة‭ ‬روسيا‭ ‬اليوم‭ ‬بين‭ ‬محاور‭ ‬سعودي‭ ‬ومير‭ ‬موسوي‭ ‬من‭ ‬مركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وكان‭ ‬النقاش‭ ‬يدور‭ ‬حول‭ ‬أبعاد‭ ‬الخلاف‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬وتأثيره‭ ‬الإقليمي‭ ‬وعلى‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬ادعى‭ ‬الموسوي‭ ‬أن‭ ‬“إيران‭ ‬تؤمن‭ ‬بأن‭ ‬التعاون‭ ‬والشراكة‭ ‬بين‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬لديها‭ ‬من‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية،‭ ‬وأن‭ ‬إيران‭ ‬سعت‭ ‬ومازالت‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬التقارب‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة”،‭ ‬والغريب‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬ترفض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬السعودية‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬ولا‭ ‬شأن‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬أوضاع‭ ‬العراق‭ ‬أو‭ ‬سوريا‭ ‬وأن‭ ‬حل‭ ‬مشكلة‭ ‬اليمن‭ ‬يمر‭ ‬عبر‭ ‬بوابة‭ ‬طهران‭!! ‬إنها‭ ‬ازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬وتسويق‭ ‬سياسة‭ ‬الغطرسة‭.‬

ولو‭ ‬وافقنا‭ ‬جدلا‭ ‬على‭ ‬طرح‭ ‬ملفات‭ ‬الخلافات‭ ‬بين‭ ‬طهران‭ ‬والرياض،‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬التنازلات‭ ‬التي‭ ‬ستقدمها‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الملفات‭ ‬وهي‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬لها‭ ‬حدود‭ ‬واسعة‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يشكل‭ ‬تهديدا‭ ‬مباشرا‭ ‬على‭ ‬أمنها‭ ‬الوطني‭ ‬وعلى‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي،‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭.. ‬هل‭ ‬طهران‭ ‬تسعى‭ ‬للتقارب‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحوار‭ ‬وتظل‭ ‬الأوضاع‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬السوري‭ ‬بين‭ ‬طهران‭ ‬وأنقرة‭ ‬وموسكو‭ ‬وواشنطن،‭ ‬والملف‭ ‬اليمني‭ ‬يدار‭ ‬من‭ ‬طهران‭ ‬ولندن،‭ ‬والعراق‭ ‬رهينة‭ ‬ملالي‭ ‬إيران‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬جنوب‭ ‬لبنان‭.‬

إن‭ ‬أي‭ ‬متابع‭ ‬للسياسة‭ ‬الدولية‭ ‬لن‭ ‬يجد‭ ‬سياسات‭ ‬مثل‭ ‬الرؤية‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬تفتقد‭ ‬أدنى‭ ‬المعايير‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية،‭ ‬وأمامنا‭ ‬الملف‭ ‬الكوبي‭ ‬الأميركي‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬مضت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ستة‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬العداء‭ ‬الشرس،‭ ‬لكن‭ ‬ظل‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬الدولة‭ ‬وخياراتها‭ ‬الوطنية‭ ‬متروكة‭ ‬لشأن‭ ‬شعبها،‭ ‬مع‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬على‭ ‬أميركا‭ ‬خنق‭ ‬كوبا‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬مجالات‭. ‬يقول‭ ‬مير‭ ‬موسوي‭ ‬إن‭ ‬إيران‭ ‬دولة‭ ‬ثورية‭ ‬وأطلق‭ ‬على‭ ‬ثورتها‭ ‬ثورة‭ ‬القرن‭ ‬العشرين،‭ ‬وهذا‭ ‬الكلام‭ ‬فيه‭ ‬تسويف‭ ‬وتزييف‭ ‬لمعايير‭ ‬الثورة،‭ ‬فما‭ ‬حدث‭ ‬أن‭ ‬العلمانيين‭ ‬والمهنيين‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬بقيادة‭ ‬توده‭ ‬والأحزاب‭ ‬الأخرى‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أشعلت‭ ‬فتيل‭ ‬الأحداث‭ ‬بهدف‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬والحرية‭ ‬وخلق‭ ‬دولة‭ ‬عصرية‭ ‬بكل‭ ‬أبعادها،‭ ‬إنها‭ ‬ليست‭ ‬ثورة‭ ‬بالمفهوم‭ ‬الأكاديمي،‭ ‬لكنها‭ ‬حركة‭ ‬دينية‭ ‬مذهبية‭ ‬ركيزتها‭ ‬المظلومية‭ ‬التاريخية،‭ ‬فهي‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬التي‭ ‬تحكم‭ ‬بسلطة‭ ‬رئاسية‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬هيئات‭ ‬هي‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭ ‬الذي‭ ‬يملك‭ ‬صلاحية‭ ‬مطلقة،‭ ‬والرئيس‭ ‬المنتخب‭ ‬ومصلحة‭ ‬تشخيص‭ ‬النظام،‭ ‬أما‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬فهي‭ ‬تدار‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬وفروعه،‭ ‬والسلطة‭ ‬القضائية‭ ‬رهن‭ ‬الملالي،‭ ‬أما‭ ‬السلطة‭ ‬الرابعة‭ ‬وهي‭ ‬سلطة‭ ‬الإعلام‭ ‬بكل‭ ‬فروعها‭ ‬فهي‭ ‬موجهة‭ ‬لترسيخ‭ ‬الدولة‭ ‬الدينية‭. ‬إن‭ ‬الثورة‭ ‬بمفهومها‭ ‬المعاصر‭ ‬تطرح‭ ‬رؤية‭ ‬وفكرا‭ ‬وعدلا‭ ‬ونظاما‭ ‬سياسيا‭ ‬راسخا‭ ‬لكل‭ ‬أفراد‭ ‬ومكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬واقتصادا‭ ‬متوازيا‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬كل‭ ‬قطاعات‭ ‬الدولة،‭ ‬ولا‭ ‬ينصب‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬العسكرية‭ ‬والميليشيات‭ ‬والحرس‭ ‬الثوري‭ ‬وسرايا‭ ‬القدس‭.‬