الصراع على قانون المحكمة الاتحادية

| رضي السماك

مع‭ ‬بدء‭ ‬العد‭ ‬العكسي‭ ‬لانتخابات‭ ‬أكتوبر‭ ‬القادم‭ ‬التشريعية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬والمنتظر‭ ‬أن‭ ‬تتم‭ ‬حتماً‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬توازنات‭ ‬جديدة‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬الانتخابات‭ ‬السابقة‭ ‬فرضتها‭ ‬هبة‭ ‬أكتوبر‭ ‬الجماهيرية‭ ‬2019‭ ‬ضد‭ ‬فساد‭ ‬واستبداد‭ ‬أحزاب‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬الموالية‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬السلطة؛‭ ‬شهدت‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬منذ‭ ‬مطلع‭ ‬الشهر‭ ‬الجاري‭ ‬مساجلات‭ ‬حامية‭ ‬الوطيس‭ ‬حول‭ ‬تعديل‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬المحكمة‭ ‬الاتحادية‭ ‬المطروح‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬النواب‭ ‬بتركيبته‭ ‬الحالية‭ ‬المعروفة‭ ‬والقائمة‭ ‬على‭ ‬المحاصصة‭ ‬الطائفية،‭ ‬ويتمحور‭ ‬الصراع‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬حول‭ ‬دور‭ ‬“خبراء‭ ‬الفقه‭ ‬الإسلامي”‭ ‬فيما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬دورهم‭ ‬استشاريا،‭ ‬وهذا‭ ‬رأي‭ ‬أغلب‭ ‬كبار‭ ‬الخبراء‭ ‬القانونيين،‭ ‬أو‭ ‬أعضاء‭ ‬أصليين‭ ‬في‭ ‬المحكمة‭ ‬كسائر‭ ‬الأعضاء،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬روح‭ ‬الدستور‭ ‬الآخذ‭ ‬بمدنية‭ ‬الدولة‭ ‬وبنائها‭ ‬الدستوري‭ ‬الديمقراطي،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬لم‭ ‬يأتِ‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬اعتباطاً؛‭ ‬فقانون‭ ‬المحكمة‭ ‬يخولها‭ ‬المصادقة‭ ‬والنظر‭ ‬في‭ ‬الشكاوى‭ ‬والطعون‭ ‬المرفوعة‭ ‬حول‭ ‬نتائج‭ ‬الانتخابات‭. ‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬ثمة‭ ‬رغبة‭ ‬مبيتة‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬الإسلام‭ ‬السياسي‭ ‬داخل‭ ‬البرلمان‭ ‬والحكومة‭ ‬لتمرير‭ ‬القانون‭ ‬بما‭ ‬يعطي‭ ‬“فقهاءها”‭ ‬حق‭ ‬الفيتو‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬اعتمادهم‭ ‬كأعضاء‭ ‬في‭ ‬المحكمة‭ ‬لا‭ ‬مُجرد‭ ‬خبراء‭ ‬استشاريين،‭ ‬لكن‭ ‬تلك‭ ‬الرغبة‭ ‬ما‭ ‬عادت‭ ‬تمر‭ ‬بسهولة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬المناخ‭ ‬الجديد‭ ‬المتولد‭ ‬بفضل‭ ‬التضحيات‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬قدمها‭ ‬شباب‭ ‬الانتفاضة،‭ ‬فقد‭ ‬تصدت‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬قوى‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والنقابات‭ ‬المعروفة‭ ‬بتأييدها‭ ‬مطالب‭ ‬حراك‭ ‬تشرين‭ ‬لتمرير‭ ‬القانون‭ ‬بثغراته‭ ‬التي‭ ‬ذكرنا‭ ‬بعضها،‭ ‬ومنها‭ ‬نقابة‭ ‬المحامين‭ ‬ومجلس‭ ‬السلم‭ ‬والتضامن‭ ‬واتحاد‭ ‬الحقوقيين‭ ‬العراقيين،‭ ‬كما‭ ‬أصدرت‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الشهر‭ ‬عشرات‭ ‬الأحزاب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬ومعها‭ ‬مئات‭ ‬الشخصيات‭ ‬الوطنية‭ ‬والأكاديمية‭ ‬بياناً‭ ‬مشتركا‭ ‬أكدت‭ ‬فيه‭ ‬أهمية‭ ‬ألا‭ ‬يتنافى‭ ‬قانون‭ ‬المحكمة‭ ‬مع‭ ‬النسيج‭ ‬الوطني‭ ‬للشعب‭ ‬العراقي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬التعددية‭ ‬الدينية‭ ‬والمذهبية‭ ‬والقومية‭ ‬والسياسية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬البرلمان‭ ‬جراء‭ ‬الضغوط‭ ‬السياسية‭ ‬والشعبية‭ ‬من‭ ‬خارجه‭ ‬إلى‭ ‬تأجيل‭ ‬المواد‭ ‬موضع‭ ‬الخلاف‭.‬