فجر جديد

مرض “الغباء” الخالد

| إبراهيم النهام

يصف‭ ‬موقع‭ ‬“ويكيبيديا”‭ ‬الغباء‭ ‬بأنه‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬الذكاء‭ ‬والفهم،‭ ‬والتعلم،‭ ‬والشعور‭ ‬أو‭ ‬الإحساس،‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬السبب‭ ‬فطريا‭ ‬أو‭ ‬مكتسبا‭ ‬أو‭ ‬مفتعلا،‭ ‬ويعرف‭ ‬الغبي‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬بعدة‭ ‬ألقاب،‭ ‬كالأحمق،‭ ‬والمعتوه،‭ ‬والأبله،‭ ‬والمغفل‭.‬

ومن‭ ‬قصص‭ ‬الغباء‭ ‬الخالد،‭ ‬أن‭ ‬أبلغ‭ ‬أحد‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬البارزين‭ ‬في‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬ساعته‭ ‬الرولكس‭ ‬التي‭ ‬يقدر‭ ‬ثمنها‭ ‬بـ‭ ‬4500‭ ‬دولار‭ ‬تمت‭ ‬سرقتها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أشخاص‭ ‬مجهولين‭ ‬أملاً‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬أموال‭ ‬من‭ ‬شركة‭ ‬التأمين،‭ ‬وبالفعل‭ ‬أحضر‭ ‬شهودا‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬لكن‭ ‬طلبت‭ ‬شركة‭ ‬التأمين‭ ‬دليلاً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الساعة‭ ‬المذكورة‭ ‬كانت‭ ‬بيده‭ ‬وأنها‭ ‬ملك‭ ‬له‭.‬

فأحضر‭ ‬الرجل‭ ‬صورة‭ ‬للساعة‭ ‬وهو‭ ‬يرتديها‭ ‬جالساً‭ ‬على‭ ‬المكتب،‭ ‬الطريف‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أنه‭ ‬ظهرت‭ ‬بالصورة‭ ‬خلفه‭ ‬أوراق‭ ‬تقويم‭ ‬بتاريخ‭ ‬شهر‭ ‬فبراير،‭ ‬فيما‭ ‬كان‭ ‬الرجل‭ ‬قد‭ ‬أبلغ‭ ‬بأن‭ ‬السرقة‭ ‬تمت‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يناير،‭ ‬وهنا‭ ‬انقلبت‭ ‬الموازين‭ ‬وقدمت‭ ‬شركة‭ ‬التأمين‭ ‬بلاغاً‭ ‬ضد‭ ‬رجل‭ ‬الأعمال‭ ‬بتهمة‭ ‬الاحتيال‭.‬

استذكرت‭ ‬هذه‭ ‬القصة‭ ‬الظريفة‭ ‬جداً،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعجل‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬الذباب‭ ‬الإلكتروني‭ ‬وكشف‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬وميوله،‭ ‬حيث‭ ‬باشر‭ ‬بسن‭ ‬رماحه‭ ‬المسمومة‭ ‬والصدئة‭ ‬بعد‭ ‬اتفاق‭ ‬العلا،‭ ‬ووجهها‭ ‬بشراسة‭ ‬ومقت‭ ‬إلى‭ ‬صدور‭ ‬رجالات‭ ‬الوطن،‭ ‬ممن‭ ‬اصطفوا‭ ‬بصفوف‭ ‬المواجهة‭ ‬الأولى‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬البحرين‭ ‬وسيادتها،‭ ‬حيث‭ ‬اتهمهم‭ ‬بالمتاجرة‭ ‬بالخلاف‭.‬

ولم‭ ‬يكتف‭ ‬هذا‭ ‬الذباب‭ ‬بالتجريح‭ ‬ورمي‭ ‬الإهانات،‭ ‬بل‭ ‬استمات‭ ‬لحرف‭ ‬مسار‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬وتضليله،‭ ‬بالتشكيك‭ ‬بالدوافع‭ ‬الوطنية‭ ‬لشرفاء‭ ‬الوطن،‭ ‬ونواياهم،‭ ‬وذلك‭ ‬بمسرحيات‭ ‬تبادل‭ ‬الأدوار‭ ‬بقروبات‭ ‬“الواتساب”،‭ ‬فهذه‭ ‬الذبابة‭ ‬ترفع،‭ ‬وتلك‭ ‬تكبس،‭ ‬بسمة‭ ‬وحيدة‭ ‬تجمعهم‭ ‬كلهم،‭ ‬وهي‭ ‬بيع‭ ‬الذمة‭ ‬والكرامة،‭ ‬بمقابل‭ ‬وربما‭ ‬بالمجان‭.‬

ومستجد‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬اليوم‭ ‬وباختصار‭ ‬شديد،‭ ‬هو‭ ‬الخذلان‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬أوجده‭ ‬النظام‭ ‬القطري‭ ‬للذباب‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬والذي‭ ‬حاول‭ ‬المزايدة‭ ‬لمنافعه‭ ‬الشخصية،‭ ‬والفردية،‭ ‬فأصبح‭ ‬بموقع‭ ‬“اللا‭ ‬حراك”،‭ ‬لا‭ ‬هو‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬التقدم‭ ‬خطوة،‭ ‬ولا‭ ‬التراجع‭ ‬خطوة‭ ‬أخرى،‭ ‬وعش‭ ‬رجبا‭ ‬ترى‭ ‬عجبا‭.‬