سياسيون سعوديون لـ “البلاد”: محاولات مس سيادة الرياض.. فشلت
| إبراهيم النهام
قال سياسيون سعوديون لـ”البلاد” إن الإجماع الشعبي والحكومي السعودي لتقرير الاستخبارات الأمريكية المسيس أظهر للعالم اجمع الموقف السعودي الداخلي موحدا وهو يصطف خلف قيادته، مؤازرا ومساندا وداعما ورافضا كل أشكال الاستهداف.
وأشاروا إلى أهمية منتدى “البلاد” الخليجي المقرر انعقاده صباح يوم الأحد بمشاركة واسعة من رؤساء تحرير الصحف الخليجية وبرلمانيين وقامات إعلامية عربية.
قلنا كلمتنا
وأكد الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان العربية بجامعة الدول العربية وعضو مجلس الشورى السعودي هادي اليامي أنه “وبإجماع منقطع النظير قابل السعوديون، حكومة وشعبا برفض قاطع تقرير الاستخبارات الأميركية الذي تم تزويد الكونجرس الأميركي به بشأن مقتل المواطن السعودي جمال خاشقجي – رحمه الله – في إسطنبول عام 2018. وظهر للعالم اجمع الموقف السعودي الداخلي موحدا وهو يصطف خلف قيادته، مؤازرا ومساندا وداعما ورافضا كل أشكال الاستهداف”.
وشدد اليامي في تصريح لـ”البلاد” على قوة اللحمة الوطنية التي تربط بين القيادة السعودية والشعب، والتقارب الكبير الذي يجمع بينهما، وهو العنصر الكفيل بإجهاض كافة محاولات النيل من المملكة، وأسباب رفض التقرير كثيرة ومتعددة، ولعل أبرزها أنه لم يأت بجديد، وهو يجتر الأسطوانة الصدئة المكرورة التي لا تحمل سوى اتهامات واهية تفتقر إلى الأدلة وتبتعد عن الأسانيد وتجافي المنطق وحقيقة الأشياء”.
وتابع “لا يعدو التقرير كونه استنتاجات خاطئة وكلاما مرسلا يبتعد عن لغة القانون التي تلتزم بالدليل وتكتفي بالبرهان وتتعزز بالحيثيات، ولا عجب في ذلك إذا نظرنا إلى الفترة التي صدر فيها، وهي فترة كانت تشهد سجالا وتصفية حسابات بين عناصر الحزبين الأميركيين، الديمقراطي والجمهوري، وللأسف حاول بعض المشرعين الأميركيين إدراج حادثة مقتل خاشقجي ضمن ذلك السجال الحزبي”.
وأكمل اليامي “المتتبع للحادثة المؤسفة يجد أن المملكة التزمت منذ البداية بجانب الشفافية، وتمسكت بالسير وفق ما يقتضيه نظامها القانوني العريق من إجراءات واضحة، وأعلنت بمنتهى الوضوح والصراحة، ولم تتردد السلطات السعودية في إدانة الجريمة فور وقوعها ووصفتها بأنها نكراء وتبتعد عن قوانين البلاد وقيمها الراسخة التي تنأى عن العنف والإكراه وتتمسك بالأنظمة والتشريعات”.
وزاد “أن تصرفات أعضاء الفريق المعني شكلت تعديا واضحا على أنظمة المؤسسات التي يعملون بها، لذلك تم توقيفهم جميعا، وتمت إحالتهم للتحقيق الفوري بواسطة الأجهزة المختصة. ولم يكتف النائب العام بما تم بثه عبر وسائل الإعلام من حيثيات رافقت وقوع الحادثة، بل قام برفقة فريق مختص بزيارة موقع الجريمة، وجمع من الأدلة ما كان كافيا للوصول إلى مرحلة اليقين”.
وواصل “استكمالا لسلسلة الإجراءات القانونية، قامت النيابة بتوجيه تهمة القتل للمتهمين وأحالتهم لمحكمة مفتوحة راعت جميع الأعراف القانونية، وجرت أحداثها بصورة علنية ومفتوحة سُمح لممثلي عدد من السفارات الغربية بحضورها، إضافة إلى أولياء الدم وغيرهم من المهتمين بالشأن القضائي، وقد أجمع هؤلاء على أن المحكمة استوفت كافة المعايير القانونية المطلوبة”.
وعن الإجراءات القانونية حيال حادثة خاشقجي، علق اليامي “كانت الأحكام رادعة بما يتناسب مع فداحة الجرم، حيث قضت المحكمة الجزائية بالرياض أحكاما ابتدائية تقضي بقتل (5) من المدعى عليهم قصاصا، وهم المباشرون والمشتركون في قتل المجني عليه، وتم تخفيضها من محكمة الاستئناف بعد عفو أولياء الدم ليصبح ٢٠ سنة لكل واحد منهم والحكم بعشر سنوات لمتهم واحد وسبع سنوات لمتهمين اثنين”.
وأضاف “أصبح الحكم نهائيا وواجب النفاذ طبقا للمادة (212) من نظام الإجراءات الجزائية، وهو ما قوبل برضا واسع من كافة الأطراف وفي مقدمتها عائلة خاشقجي، والرأي العام العالمي الذي أكد أن المملكة قد انتصرت للفقيد وعائلته”.
وقال اليامي “رغم التحفظات العديدة على التقرير والأخطاء الواضحة التي صاحبته، والرفض الواسع الذي قوبل به، إلا أنه مثَّل أيضا صفعة قاسية في وجوه أعداء الحقيقة الذين كانوا ينتظرون خطوات أكثر منه، فالتقرير أغلق ملف القضية إلى الأبد، لأنه الورقة الأخيرة التي كان يراهن عليها من امتلأت قلوبهم بالغل والحقد، وطفقوا يروجون للإفك بوسائل عديدة ووسائل إعلام مأجورة”.
تصعيد مسيس
في السياق، قال الكاتب السعودي عبدالله العلمي ان الدافع الأول لاستهداف سمو الأمير محمد بن سلمان هو محاولة مبعثرة لتقويض أمن واستقرار المملكة العربية السعودية، مضيفا “أن التصعيد الأمريكي ليس إلا تكهنات ظنية محشوة بالتخيلات. لا توجد معلومة واحدة مؤكدة وإلا لتم نشرها وإثباتها. التقرير إنشائي وإعادة صياغة تسريبات وفرضيات خالية من الأدلة أو البراهين”.
وأضاف العلمي أن “الموقف الخليجي والعربي من التصعيد الأمريكي المُتعثر واضح، وهو الوقوف بجانب حكومة المملكة في كل ما اتخذته من إجراءات قضائية متعارف عليها للتحقيق مع المجموعة المتهمة بقتل خاشقجي، تم تقديمهم للمحاكمة وصدرت بحقهم أحكام نهائية كما رحبتْ أسرة خاشقجي بالأحكام وأنتهى الأمر”.
وزاد” التصعيد الأمريكي فاشل قانونياً وقضائياً، بل هو محاولة بائسة لتسييس جريمة جنائية. إضافة لذلك، استنتاجات التقرير الأمريكي لا قيمة لها أمام القضاء وأمام الشعب السعودي الذي يقف خلف قيادته بقوة وعزم وصلابة، لإن هذه الاستنتاجات اكذوبة مبنية على توقعات واهية للاستغلال السياسي”.
وقال “وقفت دول مجلس التعاون والدول العربية مع الرياض موقفاً صلباً، بينما رقص الشتامون والمرتزقة من العرب والعجم فرحا. لا جديد، فحكوماتهم أدمنت النفاق حتى بات عدم كذبهم استثناء مشبوها”.
وتابع العلمي “هؤلاء لا يتعلمون من تجاربهم الفاشلة، لأن همهم الأول والأخير تفجير العالم العربي لاستكمال مشاريعهم التخريبية”.
واستطرد “كشفت قيادة المملكة عن تعاملها مع الجريمة الشنعاء بكل تفاصيلها، فهذه المبادئ نابعة من نبذ السعودية للعنف والتطرف وتمسكها بسياسة الاعتدال والوسطية. كذلك اتخذت الرياض الخطوات اللازمة لضمان عدم تكرار مثل هذه الحادثة الاجرامية. ومع ذلك، وعلى مدى عامين متتاليين، حاول الفاشلون مرات عديدة زلزلة استقرارنا، فباؤوا بالفشل والخزي والهزيمة”.
وزاد “رفضت حكومة المملكة رفضا قاطعا ما ورد في التقرير الأمريكي من استنتاجات وأكاذيب مسيئة وغير صحيحة. الرياض التزمت بتنفيذ القانون، وخضع الجناة لمحاكمة حضرها ممثلون من الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، ومنظمات حقوقية وممثل تركيا وأبناء المواطن خاشقجي”.
وأردف “كما اتخذت الدولة كل الإجراءات لمحاسبة المتورطين في القضية عبر قضاء مستقل مشهود له بالإنصاف والنزاهة. في نهاية الأمر، تم إجراء التحقيقات والمحاكمات حسب القانون. الحكم القضائي قطع ضبابية الشكوك، ولكن في نفس الوقت أثار حفيظة التائقين لتفتيت اللحمة الوطنية”. هدوء الصادقين
وأوضح الكاتب الصحافي محمد بن ربيع أنه “بعد أحداث سبتمبر الشهيرة تزايدت حدة التصريحات الأميركية تجاه بلادنا، ونفخ فيها أعداؤنا نفخا واجهته المملكة بهدوء الصادقين مع أنفسهم ومع غيرهم، فالسعوديون الذين شاركوا في تلك الأحداث هم أعضاء في تنظيمات خارجة على القانون المحلي والعالمي، متغيبون عن بلدهم وحتى عن أهاليهم وقد بان ذلك لكل أمريكي حتى وأن جاء ذلك الفهم متأخرا”.
وتابع بن ربيع “في مسألة المرحوم خاشقجي جاء التصرف السعودي هادئا هدوء الصادقين مع أنفسهم ومع غيرهم، وبنفس الهدوء كان رد وزارة الخارجية على التقرير الذي تم تزويد الكونغرس به حول المسألة ذاتها، فبيّن الرد أنها جريمة نكراء شكلت انتهاكا صارخا للقوانين السعودية ولأنظمة الجهة التي يعملون فيها، وقد اتخذت كافة الإجراءات وصدرت بحق الفَعَلة أحكاما قضائية نهائية رضي عنها أفراد أسرة المرحوم خاشقجي”.
وأكمل “المسألة شأن سعودي بحت، وردّ وزارة الخارجية يغني عن كل ردّ، لكن الجهات التي تنفخ في الرماد غالبا ما تطرح السيناريوهات التي تفسر مناسبة بعث التقرير الخائب الذكر في أول أيام بايدن فقالوا: هو محاولة للضغط على السعودية التي لم تصل إليها موجة الاعتراف بإسرائيل، وقالوا: هو محاولة للضغط على السعودية لتبتعد عن مسار الاتفاق النووي مع إيران”.
وتابع بن ربيع “لن أنكر أن بلادنا تقف من مسألة العلاقات مع إسرائيل موقفا ينسجم مع مكانتها ومع تاريخها، وأن بلادنا تقف موقف الخبير بإيران ومخططاتها ومغبة أي سماح لها بالتمادي في نواوياتها وبالتستياتها، في الوقت الذي تكرس فيه أمريكا لتوطيد إسرائيل، ويكرس فيه الديموقراطيون لتطبيع علاقتهم بإيران ضمن سياساتهم الاحتوائية المعروفة”.
وواصل “لن أنكر شيئا من ذلك، لكني اعتقد أن كل ما يحدث في مطلع عهد بايدن هو محاولة للانتقام من سلفه ترامب الذي أشبعه سخرية واستخفافا، بل طالما وصمه بعبارته (جو الكسلان)”.